السبت، 28 مايو 2022

• قصة للأطفال: فرس النهر الضاحك


بيتي

اِنْهمرَت الأمطارُ الاستِوَائِيَّة بغَزارة قرْبَ إحْدَى البُحَيْرات، وبَدَأت الطُّيورُ والحَيَواناتُ تُغَادِرُ المكانَ لتَخْتَبِئَ تحتَ الأشجار حتى يتوقفَ هَطْلُ المطر... ومَضَتْ ساعة مِنَ الزمَنِ، وتوقفَت الأمطارُ عَنِ الهَطلِ، وعادَتْ طُيورُ القُرَادِ لتَقِفَ على ظُهُور أفرَاس النَّهْر ِالتي كانَتْ تَسْبَحُ في الماء.

وفَجْأةً، لَمحَ أحدُ طُيور القُرَادِ الطَّائرَ الأحمرَ جالسًا على ظَهْر فَرَس النَّهْر المرح، فَسَأله: «ما الذي تفعَلُهُ في هذا المكان أيُّها الطَّائر» لا يُسْمَحُ لكَ بالجُلوس في هذا المكَان، فَطُيُورُ القُرَاد وَحْدَها... لها الحَق بالعَيْش فوقَ ظَهْر فَرَس النَّهر... أغْمَضَ الطَّائرُ الأحمرُ عينَيْهِ مُدَّعِيًا النَّومَ...

غَضِبَ طائرُ القُرَاد وصَاحَ: هل تَتَجَاهَلُني أيُّها الطَّائرُ البَشِعُ!، حَسَنًا ستندَمُ أشَدَّ النَّدَم على فَعْلَتِكَ هذه، وانتقلَ طائرُ القُرَاد إلى فَرَسِ نَهْر آخَرَ ورَاحَ يَتَهامَسُ مَعَ أصدقائِهِ حَوْلَ الطَّائرِ الأحمر. وفي وقت قَصـِير، قَرَّرَ الطَّائرُ الأحمرُ الذهابَ بحثًا عن طَعَام يُسْكِتُ به جُوعَهُ. ولما عادَ إلى ظَهْر فَرَس النَّهْر كانَ اللَّيلُ قد بَدَأ يَسْدُلُ سَتَائِرَهُ السَّوْدَاءَ في كُلِّ مكان. جَلَسَ الطَّائرُ الأحمرُ وأطْبَقَ أجفَانَهُ مُسْتَسْلِمًا لنَوْم عميق، وما هي إلا لحظات قليلة حتّى استيقَظَ الطَّائرُ هَلِعًا وكأنَّ زِلْزَالًا قَويًّا قد هَزَّ المكانَ وبَدأ يَصْرُخُ ويَسْتغيث، ولكنَّهُ أدْرَكَ بسرعة أنَّ فرسَ النَّهْر قد بَدَأ بالتحَرُّك، فسألَهُ: ما القِصَّة يا فَرَسَ النَّهر؟ ما الذي ألَمَّ بكَ لكي تتحَرَّكَ في هذا اللَّيل؟ ضَحِكَ فَرَسُ النَّهر بصوت عال وقالَ: أنتَ ظَريفٌ جِدًّا أيُّها الطّائرُ الأحمرُ، إنني ذاهبٌ لأتناوَلَ طَعامي فَقَدْ نالَ الجُوعُ منِّي ،أمْ أنكَ نَسِيتَ أنني في حاجة إلى الطَّعام ِأيضًا؟

فقالَ الطَّائرُ: هااااا! وكيف ستَعْثُرُ على الطَّعام في هذا الظَّلام الدَّامِس ،ضَحكَ فرسُ النَّهْر من جديد وأجَابَ: هه هه هيه... يُمكنُ لأفرَاس النَّهْر أن تعثر على طَعامها في الليل، أضَافَ الطَّائرُ مُمْتَعِضًا: ها... هكذا إذًا... وهل نَسِيتَ أنَّني لستُ قادرًا على العُثور على مَأوى في هذا اللَّيل؟! ضَحـِكَ فَرَسُ النَّهر من جديد وقد تمايل جسدُه الضخمُ من شِدَّة الضَّحِك قائلا: أجَلْ... أجَلْ لقد نَسيتُ يا صديقيَ الأحمر، ولكنْ لا بَأسَ، يُمكِنُكَ أن تبقَى فوقَ ظَهْري بينَما أنْتَهِي مِنْ تَنَاوُل الطَّعام، قَفَزَ الطَّائرُ الأحمرُ واعْتَلَى ظَهْرَ الفَرَس وهو يَهْمِسُ: لا أعْلَمُ ما الذي يُضْحكُ فَرَسَ النَّهر هذا...! عَجَبًا لطِبَاع الحَيوَانات المائيَّة!

قالَ فَرَسُ النَّهر وهو يَنْظُرُ إلى الطَّائر الأحمر والابتسامة تَعْلُو وَجْهَهُ: لستُ حَيَوانًا مائيًّا يا صَاح، أنا بَرْمَائِيٌّ، أنا أعيشُ في الماء وعلى اليابسة، أهلًا بكَ على صَهْوَة فَرَس النَّهْر. وانْطَلَقَ فَرَس النَّهْر يعْدُو بسرعة والطَّائرُ مُمتَعضٌ وقد طارَ النَّومُ من عَيْنَيْه، وَصَلَ فَرَسُ النَّهر إلى مَرْج أخضَرَ ورَاحَ فَرَسُ النَّهْر يأكُلُ ويَأكُلُ، والطَّائرُ المسْكينُ يَكَادُ يُجَنُّ من طقطقة مَضْغِ الطَّعام، ومَضَتْ ساعات طويلة وفَرَسُ النَّهْر ِيَقْضِمُ الأعشابَ يَمْضَغُها ويَبْلَعُها ثُمَّ يَضْحَك، ولَمَّا طالَ الوقتُ اقتربَ الطَّائرُ من فَرَس النَّهْر وقالَ: أخْشَى أنْ يَنْفَجِرَ بَطْنُكَ يا صديقي! ألا يكفي ما أكَلْتَهُ حتى الآنَ؟! وكالعادة، ضَحكَ فَرَسُ النَّهر وقالَ: هاها هيه هيه... يا صغيري، أنا أتنَاوَلُ وَجْبة واحدة في اليوم، لأنني لا أغَادِرُ الماءُ طَوَالَ النَّهار فيجبُ أن آكُلَ ما يَكْفِيني بَقِيَّةَ اليوم. وهكذا، شَبِعَ فَرَسُ النَّهْر وامْتَلأت معدته الكبيرة.

 وأخيرًا... استَقَرَّ فرسُ النَّهر ِفي الماء وبَدأ شَخيرُهُ يَعْلُو ويَعْلُو ويَعْلُو والطَّائرُ المسكينُ مُسْتَلْقِ على ظَهْر صديقه الضَّخْم وقد نَالَ التعَبُ والنُّعاسُ منه يُحاولُ أن يُطْبقَ أجفَانَهُ، ولكنَّ صوتَ فَرَس النَّهر مَنَعَهُ من أن يُطْبِقَها على الرَّغْم من رَغْبَته الشديدة في النَّوم، عادَتْ طيورُ القُرَاد إلى أفرَاس النَّهر، حيث كانَ الطَّائرُ المسكينُ يَحْزمُ أمتعَتَهُ مُغَادرًا المكان. فسأله أحد طيور القراد: هل أنتَ مُسَافِرٌ يا صديقي؟! أجابَ الطَّائرُ الأحمرُ: منَ الوَاضح أنَّ حياةَ فَرَس النَّهر لا تُنَاسِبُني، فأنا معتَادٌ على النَّوم ِمبكرًا وكما تَعْلَمُ فَرَسُ النَّهْر لا يَنَامُ في الليل. قالَ طائرُ القُرَاد: في المرَّة القادمة، حاولْ أن تختَارَ مكانًا يُنَاسِبُكَ أيُّها الجميلُ، وتَذَكرْ أنَّ اللهَ جَعَلَ لكلِّ مكان ٍفي العالَم مخلُوقاته التي تتنَاسبُ مع طبيعَتهُ، تَنَهَّدَ الطَّائرُ الأحمرُ وقالَ: أعْلَمُ يا عزيزي، ولكنَّني ظَنَنْتُ أنني سأدْخُلُ التاريخَ عندما أختَارُ مكانًا كهذا، ولكنْ... مَشَى فَرَسُ النَّهر حيثُ لا أشْتَهِي، وداعًا... وغادَرَ الطَّائرُ الأحمرُ المكانَ باحثًا عن غُصْن شَجَرة لينَامَ فَوْقَهُ. وفي رَأْسه ذِكْرَى لا تنْسَى مَعَ فرس النهر الضاحك... المضحك.

المصدر: 1

تابعونا على الفيسبوك

مواضيع تهم الطلاب والمربين والأهالي

حكايات معبّرة وقصص للأطفال

www.facebook.com/awladuna

إقرأ أيضاً

قصة للأطفال: وردان يطبخ

قصة للأطفال: الكرة الذهبية

قصة للأطفال: الدجاجة التي حلمت بأنها ديك

قصة للأطفال: عاطر... بائع العطور

قصة للأطفال: صفية في مملكة النحل

للمزيد              

حدوثة قبل النوم قصص للأطفال

كيف تذاكر وتنجح وتتفوق

قصص قصيرة معبرة

قصص قصيرة معبرة 2

معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب

قصص قصيرة مؤثرة

الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية

إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن

استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط

مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم

تربية الأبناء والطلاب

مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات

أيضاً وأيضاً

قصص وحكايات

الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور

شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور

الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها

تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات

كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها

مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق