الأربعاء، 25 مايو 2022

• قصة للأطفال: الكرة الذهبية


الحقيقة

جلست يارا حزينة تبكي لأن كرتها الذهبية ضاعت. اقترب منها صديقها الأرنب وقال: «حسناً، سأذهب وأحضرها». وهنا جاء السنجاب وقال له: «كيف ستذهب وتحضرها؟ ألا تعرف أن الثعالب والذئاب تتجول في الوادي؟ ربما تأكلك، إنها حيوانات خطيرة تحب لحوم الأرانب».

يضحك الأرنب ويقول له: «أنا أرنب شجاع، سوف أريك». وقبل أن يتخذ قراره بالنزول، تقول له يارا: «انتظر، عندي فكرة رائعة، عندي كرة فضية، سوف أرميها في الاتجاه نفسه الذي ذهبت إليه الكرة الذهبية، وسننظر جيداً لعلنا نجد المسار الذي اتخذته».

وهكذا رمت يارا الكرة الفضية. قال السنجاب: «ماذا حصل؟  أين ذهبت الكرة الفضية»؟. قالت يمامة: «الأشجار كثيفة جداً، والكرة سريعة، لم نتمكن من رؤيتها». قال الأرنب: «هذا مؤسف، سأقفز للبحث عنها»، وقبل أن يتأهّب الأرنب، قال القنفذ: «انتظر، أقترح أن ترمي يارا كرة عادية هذه المرة، وبإمكانك أن تقفز وراءها».

ذهبت يارا إلى البيت، وأحضرت معها كرة ملونة رائعة، ثم ألقت بها إلى أسفل، وقفز الأرنب بشجاعة إلى الوادي، الكرة تتدحرج، وهو يقفز، إلى أن اصطدمت الكرة بصخرة فطارت عالياً، ثم اختفت.

قال القنفذ: «لا مزيد من الكرات، سأنزل بنفسي وأرى ماذا حصل، سأتكوّر، وأدافع عن نفسي بأشواكي الحادة إن لزم الأمر». استحسن الجميع فكرة القنفذ، وودّعوه على حافة الطريق وهو يلقي بنفسه إلى أسفل الوادي.

تلفّت حوله، ويا للعجب! ها هي ذي الكرة الملونة، ولكن ما بها؟  لقد تمزقت ولم تعد تشبه الكرة في شيء. اقترب القنفذ من بقايا الكرة، وغرزها في أشواكه الحادة استعداداً للعودة من حيث أتى.

وفي هذه اللحظة أطلّ الخُلد برأسه من إحدى الفتحات بين التراب والأعشاب: «مرحبا أيها القنفذ، كأنك تبحث عن شيء»! فقال القنفذ: «أجل، كما ترى، عثرتُ على هذه الكرة المسكينة، وكنت أبحث في الأساس عن كرتَي يارا الذهبية والفضية».

قال الخُلد: «لم أسمع عن الكرتين الذهبية والفضية، أما هذه الكرة الملونة فقد تسبّبَت لنا بالمتاعب، وأزعجت أمثالي من الحيوانات الهادئة، فقد بقيت تتدحرج إلى الأسفل، حيث أصابت رأس صديقي الدب الذي كان يستحم في النهر، فأمسكها غاضباً ورمى بها من حيث أتت، إلى هنا»!.

كان الجميع أمام حقيقة صعبة: «لقد تدحرجت الكرة الملونة إلى ما بعد الوادي، إلى النهر، ومن المصادفات أن الدب أعادها من حيث أتت». هذا يعني أن الكرة الذهبية والكرة الفضية قفزتا من فوق النهر، وصارتا في الضفة الأخرى.

قال الأرنب مرتعداً: «الضفة الأخرى من النهر، يا له من مكان مخيف! إنه مليء بالثعالب والذئاب والحيوانات الشريرة».

صاح السنجاب: «سأذهب بنفسي وأكتشف الأمر». لم أسمع أن ثعلباً أو ذئباً افترس سنجاباً، أظن أن طعمي ليس لذيذاً.

كان السنجاب سريعاً جداً وهو يتنقّل بين الأشجار في الوادي، واستمتع كثيراً وهو يتعلّق بالأغصان. وعند النهر، لم يكن في إمكان السنجاب القفز، بسبب خلوّ المكان من الأشجار، لذلك اختار أضيق مسافة بين الضفتين، وقفز من صخرة إلى أخرى، وهو ينتبه حتى لا ينزلق إلى الماء، ووصل في النهاية إلى الضفة الأخرى. شعر السنجاب بالخوف، فهذه هي المرة الأولى التي يدوس فيها هذا المكان الغريب. حتى الأشجار تبدو قاسية والجو يبدو خانقاً.

تسلّق السنجاب إحدى الأشجار، كانت هناك خفافيش نائمة وهي متعلّقة ببعض الأغصان هنا وهناك. «خفافيش! لا أرتاح إلى هذه الكائنات، إنها تشبه الفئران ولكنها تطير في الظلام. تنام وهي مقلوبة، رأسها إلى الأسفل، وهي غريبة الطباع، لا تحب الكلام مع بقية الحيوانات». الأشجار تزداد كثافة مع التوغّل في المكان، ولكنْ، يقع بصر السنجاب على فسحة من العشب اليابس بجوار مستنقع تفوح منه رائحة كريهة، ويا لها من مفاجأة! هناك شيء يلمع بين الأغصان، إنها الكرة الذهبية، وبجانبها الكرة الفضية، ويتنبّه السنجاب إلى سرب من الغربان يحوم في المكان.

«غربان! كان عليّ أن أعرف منذ البداية من الذي يقف وراء اختفاء الكرتين! ولكن كيف تمكّن الغربان من نقل الكرتين إلى هنا»؟.

ينظر السنجاب إلى الأسفل وخوفه يزداد من رهبة المكان: «ماذا أرى؟ غراب وثعلب وذئب، و... خفاّش؟ يبدو أن هنالك شيئاً مهماً»، لم يتمكن من سماع كل ما قيل، ولكن الذي حصّله كان كافياً، ولاسيما أنه شاهد في الجوار بعض المقتنيات الثمينة المسروقة من القرية.

انسلّ السنجاب بخفة وسرعة، عائداً بمشقّة إلى القرية، حيث كان الأصدقاء ينتظرونه، بادرهم بالقول لاهثاً: «عصابة من الغربان والثعالب والذئاب والخفافيش هي التي سرقت الكرة الذهبية والكرة الفضية، ليس هذا فقط، بل إنهم وراء كل السرقات التي حصلت في القرية».

يقول الأرنب: «الغربان تحب الأشياء اللامعة والثمينة، هذا هو السبب وراء سرقتها الكرتين» وقالت اليمامة: «وهذا هو السبب أيضاً في قيام الغربان بسرقة الذهب والنقود من أهل القرية». ثم قالت يارا: «كان يجب أن نكون أكثر حرصاً، وألاّ نترك النوافذ مفتوحة في الصباح والغربان تحوم هنا وهناك».

قال السنجاب: «أتدرون؟  الحل الوحيد هو أن نطلب المساعدة من البومة». قال الأرنب: «البومة؟! وهل ستساعدنا حقاً؟ أنسيتَ أننا اتهمْنا البوم بكل السرقات التي حصلت في القرية»؟ قال القنفذ: «لقد كنا مخطئين، البوم هي الطيور الوحيدة هنا التي تنام في النهار وتستيقظ في الليل، لذلك حسبنا أنها كائنات سيئة تمارس السرقة». قالت يارا: «لعلّها كانت تحاول حراسة القرية». قال الأرنب: «البومة تعيش الآن، في مكان معزول عن القرية. حتى أنني لا أعرف هل لاتزال هناك أم ابتعدت إلى ديار أخرى».

قالت اليمامة: «أذكر أن البومة طيبة القلب، ولا أظن أنها ستبتعد كثيراً مع أصدقائها عن القرية». وقال السنجاب: «هيّا بنا، سنذهب ونعتذر من البومة، ونطلب منها مساعدتنا».

ومع الغروب، كان الأصدقاء ومعهم يارا، يتجهون إلى التلة، وكم كانوا سعداء حين عثروا على البومة البيضاء وهي تستعد مع بقية البوم لاستقبال الليل. استمعت البومة باهتمام إلى ما سرده عليها السنجاب وأصدقاؤه، وقبلت اعتذارهم، ووعدتهم بالمساعدة.

قالت البومة: «سنحتاج إلى شبكة كبيرة من الخيوط نستخدمها كمصيدة». قال الأرنب: «في الواقع لقد فكرتُ بهذا الأمر، وجهّزتُ شبكة ممتازة من الخيوط». قالت البومة: «رائع! سأكون جاهزة مع باقي البوم خلال دقائق».

 نزل الأصدقاء كلهم إلى الوادي، التقى القنفذ بصديقه الجديد «الخلد» وهمس له ببضع كلمات، فذهب الخلد للقاء صديقه الدب في أمر خاص. أما يارا واليمامات فبقيت في أقرب نقطة إلى القرية، ذهب السنجاب والأرنب إلى ضفة النهر المقابلة لأرض الغربان، أما البومة فقامت مع أصدقائها بالطيران فوق النهر باتجاه مخبأ الغربان.

قام الأرنب والسنجاب بالصياح عالياً، مما نبّه الخفافيش، فتركت أرض الغربان، وطارت كلها سرباً واحداً باتجاه الوادي، وسرعان ما انضمت إليها الثعالب والذئاب. توجّه الأرنب والسنجاب إلى عمق الوادي، وفوقهما تطير الخفافيش، أما الثعالب والذئاب فتوقفت ولزمت أماكنها رعباً من الدب الذي تظاهر بالاستياء من إزعاجه في منتصف الليل. وهكذا خلت الساحة للبوم، فتمكن من إلقاء الشبكة على الغربان النائمة، التي لم تستطع  الهرب بسبب نومها الثقيل، وقد استيقظت بعد فوات الأوان.

لقد نجحت الخطة، ورجع كل شيء إلى مكانه.

المصدر: 1

تابعونا على الفيسبوك

مواضيع تهم الطلاب والمربين والأهالي

حكايات معبّرة وقصص للأطفال

www.facebook.com/awladuna

إقرأ أيضاً

قصة للأطفال: جدتي تغني للنبات

قصة للأطفال: أبي الحبيب أشكرك

قصة للأطفال: صفية والدفتر وعلبة بيض

قصة للأطفال: يوم الموسيقى

قصة للأطفال: أحبك أمي

للمزيد              

حدوثة قبل النوم قصص للأطفال

كيف تذاكر وتنجح وتتفوق

قصص قصيرة معبرة

قصص قصيرة معبرة 2

معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب

قصص قصيرة مؤثرة

الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية

إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن

استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط

مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم

تربية الأبناء والطلاب

مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات

أيضاً وأيضاً

قصص وحكايات

الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور

شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور

الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها

تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات

كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها

مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق