الدجاجة دجاجة والديك ديك
آوتِ الدّجَاجةُ إلَى فِراشهَا وهوَ تِبنٌ تَفوحُ منهُ رَوائحُ الدّجَاجِ، فاسْتَلقتْ عليهِ ونامتْ.
يَا لَلْعجبِ! سَبَحتْ في فَضاءٍ زَاخرٍ بالعجائبِ والغرائبِ.
حَلَمَتْ بأنهَا صَارتْ ديكاً يصارعُ الدِّيَكةَ الأُخْرَى فيغلبهَا.
في الحُلمِ غَلَبَتْ كلَّ الديَكةِ التي أرادتْ أنْ تَتَزعم قطيعَ الدجاج. صحيحٌ أن دماءً سالتْ منْ رأسِهَا وصدرِهَا ولكنّهَا انتصَرتْ في النهايةِ، فهلّلَ لها جمعُ الدجاجِ وصاحُوا: مِنَ الآنَ فصاعداً أنتِ قائدُنا أيّهَا الدِّيكُ المَجْنُونُ!
اِنْبرَى كَتْكُوتٌ مِنْ كَتاكيتِهاً قَائِلاً:
- أُمّاهُ، لِمَ تَنْفِرِينَ مِنّا؟ أَلسنَا أبناءَكِ؟ اعْتدنَا أن نَتْبعكِ لِنحْتمِي بكِ، فلِمَ الجَفاءُ؟
وقال آخرُ :
أنتِ أمّنَا ولنْ نتبعَ غيرَكِ؟
ابتعدتْ عَنْهمْ قليلاً وصَاحتْ:
- أنا لمْ أعدْ دجاجةً. أنا الآنَ ديكٌ. ابحثُوا عَمّنْ تكونُ أمُّكمْ يَا أوْلاد.
صاحُوا بصوتٍ وَاحدٍ:
- ديكٌ؟ وأيُّ ديكٍ؟
واسْتبدّ بِهِمُ الضحكُ حتىّ دَمَعَتْ أعينُهُمْ!
لا شكّ في أنّهمْ رَدّدُّوا فِي أنفسِهِمْ: «ماذَا جرَى لهذه الأمِّ؟ أجُنّتْ حتّى تُنْكِرَ أبناءَهَا؟ أتَرَى نفسَهَا ديكاً وهيَ دجاجةٌ؟ ألاَ تريدُ أن تَقنعَ بمَا خُلِقتْ عليهِ»؟.
مرّتْ دجاجةٌ مُسْرعةٌ تُلاحِقُهَا كتَاكِيتُها.
ومَرّ أربعةُ دِيَكَةٍ مُعْتَدِّينَ بأنفسِهِمْ.
لا يَصِحُّ أنْ تلاحقَ الكتاكيتُ الديكةَ، ولكنْ هلْ يصحُ أنْ تنكرَ الدجاجةُ أبناءَهَا؟
كانَ خبرُ جنونِ الدَّجاجةِ قدْ انتشرَ فِي الأَرضِ وعَبَرَ الآفاقَ.
حَلَمَتِ الدجاجةُ بأنّهَا صارتْ ديكاً. هيَ لاَ تعرفُ أنّ الحُلمَ حُلْمٌ وأنّ الواقعَ واقعٌ.
كانَ قطيعُ الدجاجِ يهْمسُ دُونَ أنْ يعلنَ كلامَهُ جِهاراً:
«أصابَهَا مسٌّ منَ الجنونِ. فهلْ ثَمّةَ طبيبٌ منْ عالمِ الحيواناتِ يهتمُّ بحالِهَا النفسيِّةِ».
وقفتِ الدجاجةُ مُتحديّةً جماعةَ الديّكةِ:
- منْ مِنكمُ الشُّجاعُ فَلْيتقدمْ؟ أنَا الديكُ قائدُكُمْ، فهلْ يستطيعُ أحَدُكُمْ أنْ يُصارِعَنِي؟
تعالَى الضحكُ المخلوطُ بالبكاءِ لشِدّةِ التَأثُّرِ بحالِ الدجاجةِ المسكينةِ. ولا شكّ في أنّ قطيعَ الدجاجِ الذي تَحلّقَ حولَهَا، كانَ يتهامسُ في صمتٍ:«فَلْنَرَ مَا سيحدثُ، وإِنْ كنّا علَى يقينٍ بأنّها ستنالُ ضربةً قاضيةً».
وصاحَ الديكُ الأسودُ:
- هيا أيُّتُها الدجاجةُ المخبولةُ تَقدمِّي.
انْتَهَتِ
المعركة.
لم تستطعْ أنْ تنالَ مُرَادَهَا من الديكِ القويِّ. طرحَها أرضاً فأخجلها. يا لهذا الموقفِ المثيرِ للشفقةِ!
تحلّقَ الكتاكيتُ حولَ أمِّهُم الدجاجةِ يُواسونَها.
دماءٌ تسيلُ من رأسِها وصدرِها. كان ديكاً شرساً لا يَمتلكُ الطِّيبَةَ فِي قَلبهِ.
جالتْ بِناظِريهَا حواليهَا. كانَ الجمعُ قد تفرّقَ ولمْ تعدْ تنصتُ لغيرِ أنفاسِ كتاكيتِها. ربما أَحَسّتْ بالذنبِ أو تأنيبِ الضميرِ. تكونُ الدجاجةُ دوماً دجاجةً ويكونُ الديكُ دوماً ديكاً. ليسَ المهِّمُ أن أكونَ هذا أو ذاكَ، فالأهمُ هو أنْ أنظرُ إلى الأشياءِ كما هيَ، وأنْ أَعْتَدَّ بمَا خُلِقتُ عليهِ.
اعتادتِ الدجاجةُ كلّ ليلةٍ عندمَا يهجعُ أبناؤُهَا للنومِ أنْ تروِي لهمْ حكايةَ الدجاجةِ التي حَلَمَتْ بأنهَا ديكٌ، دونَ أنْ تشيرَ إلى نفسِهَا. الخجلُ يمنعُهَا منْ أنْ تُذكِّرَهُمْ بحالِها المثيرِ للشفقةِ.
وتنهِي الحكايةَ بنشيدِ الدجاجِ:
لَوْ حُمِلْتُ إلى الأسدِ أوِ الثعلبِ
لِيُداويَا جراحِي
مَا نبَسْتُ بأيِّ حكايةٍ.
فَيُغْمِضُونَ أعينَهُمْ آمنينَ مُطمئنِّينَ.
المصدر: 1
مواضيع تهم الطلاب والمربين
والأهالي
إقرأ أيضاً
قصة للأطفال: صفية والدفتر
وعلبة بيض
للمزيد
معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7
مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على
المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل
المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن
شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة
شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث
عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات
وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات
وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق