التعاطف
يَتَهَامَسُون، يَتَسَاءَلون... الدَّجَاجَةُ البُنِّيَّةُ، مَاذَا أَصَابَهَا؟! لقَد تَسَاقَطَ رِيْشُ رَأْسِهِا حَتَّى أَصْبَحَتْ صَلْعَاءَ! لم تَعدْ تُكَلِّمُ أَحَدَاً، ولا تَلْعَبُ حتَّى مع فِرَاخِهَا، وحِيْنَ تُشَاهِدُ صُوْرَتَهَا فَوقَ المَاءِ، تَحْزَنُ كَثِيْرَاً.
كَانَتْ تَخْتَبِئُ في حَقْلِ الذُّرَةِ الجَافِّ. تَنَامُ مَسَاءً أَوَّلَ الجَمِيْعِ في القنِّ، بل تَدَّعي النَّوْمَ، وتَبْكِي في العَتَمَةِ.
صَبَاحَاً،
أَسَرَّتْ للدَّجَاجَةِ البَيْضَاءِ ما حَدَثَ لهَا، فَأَعْجَبَهَا منها أَنَّها لم تَزِدْ في لَوْمِهَا على نَفْسِهَا، فَمَا حَدَثَ قد حَدَثَ، لَمَسَتْ في كَلامِهَا عَطْفَاً وتَقْدِيْراً لمشَاعِرِهَا. نَعَمْ، لقدَ نَقَرَتْ حَبَّةَ دَوَاءٍ لَيْسَتْ لها! واعْتَرَفَتْ أَنَّ الحبَّةَ كَانَتْ تَحْتَ المِنْضَدَةِ، هي لِصَاحِبِ المزْرَعَةِ، سَقَطَتْ مِنْهُ عِنْدَمَا كَانَ يَشْرَبُ دَوَاءَهُ. لَقَدْ أَغْرَاهَا لَوْنُهَا الأَحْمَرُ اللامِعُ، فَنَقَرَتْها بِلَهْفَةٍ.
حَدَّثَتِ الدَّجَاجَةُ البَيْضَاءُ نَفْسَهَا قَائِلَةً: يَجِبُ أَنْ أُسَاعِدَهَا، سَأَصْنَعُ لهَا (بَارُوْكَةً) نَعَمْ، سَتَفْرَحُ بِهَا كَثِيْرَاً، لَكِنْ، سَتَظَلُّ تَشْعُرُ بَأَنَّ مَنْظَرَهَا غَرِيْبٌ. حَسَنٌ، سَأَكْتَشِفُ طَرِيْقَةً لا تَخْطرُ لَهَا عَلَى بَالٍ.
عِنْدَ الصَّبَاحِ، أَسْرَعَتِ الدَّجَاجَةُ البُنِّيَّةُ إِلى الحَقْلِ كَالعَادَةِ، فَجْأَةً، سِمِعَتْ أَصْوَاتَ الدَّجَاجِ تُنَادِيْهَا، قَالَتْ: مَاذَا تُرِيْدُوْنَ؟
قَالَتِ الدَّجَاجَةُ البَيْضَاءُ: تَعَالِي حَبِيْبَتِي نلعب مَعَاً.
- تَحَسَّسَتْ رَأْسَهَا الخَالِي من الرِّيْشِ، وقَالَتْ دُوْنَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَيْهَا، شُكْرَاً، لَيْسَ الآنَ.
- بلِ الآنَ، تَعَالَي، لَقَدْ أَعْدَدْنَا لَكِ مُفَاجَأَةً جَمِيْلَةً.
- لا، الجَمِيْعُ سَيَضْحَكُ من مَنْظَرِي.
- طيِّبْ، انْظُرِي إِلَيْنَا أَوَّلاً، ثُمَّ احْكُمِي بِنَفْسِكِ.
- مَا إِنْ مَدَّتْ رَأْسَهَا من بَيْنِ أَوْرَاقِ الذُّرَةِ، حَتَّى شَهَقَتْ من الدَّهْشَةِ.
قَالَتْ: مَا هَذَا؟ حَلَقْتُنَّ أَرْيَاشَ رُؤُوْسِكُنَّ لِتُصْبِحنَ مِثْلِي، وتُخَفِّفنَ عَنِّي أَحْزَانِي؟! مَا أَرْوَعَكُنَّ !رَاحَتْ تَتَحَسَّسُ رُؤُوْسَ الدَّجَاجِ بِلُطْفٍ، وَتُقَبِّلهُنَّ وَاحِدَةً وَاحِدَةً، قَائِلَةً: كُنْتُ أَعْتَقِدُ أَنَّ لا أَحَدَ يَشْعُرُ بِي، أَنْتُنَّ أَجْمَلُ جَمَاعَةِ دَجَاجٍ في العَالَمِ. وأَسْرَعَتْ إِلى الدَّجَاجَةِ البَيْضَاءِ، وضَمَّتْهَا بِحُبٍّ وتَقْدِيْر. قَائِلَةً: أَنْتِ من أَشَارَ عَلَيْهِن بِهَذَا، أَلَيْسَ كَذَلِكَ؟ مَا أَرْوَعَكِ! انْتَظِرْنَ لَحْظةً.
فَدَخَلَتْ حَقْلَ الذُّرَةِ، ثُمَّ خَرَجَتْ مِنْهُ فَرِحَةً، وهِيَ تَحْمِلُ عُقُوْدَاً، كَانَتْ قَدْ صَنَعَتْهَا من حُبُوْبِ الذُّرَةِ الجَافَةِ، وقَدَّمَتْهَا إِليْهِنَّ قَائِلَةً: وَجَدْتُ أَنَّهَا تَلِيْقُ بِكُنَّ جَمِيْعَاً.
عَلَى ضِفَّةِ البِرْكَةِ، اصْطَفَّت الدَّجَاجات ُوهُنَّ يَنْظُرنَ إِلى صُوَرِهِنَّ في المَاءِ، ويَضْحَكنَ، بَيْنَمَا الدَّجَاجَةُ البُنِّيَّةُ كَانَتْ تَمِيْلُ بِرَأْسِهَا عَلَى عُنُقِ الدَّجَاجَةِ البَيْضَاءِ، والدِّيْكُ الأَحْمَرُ أَخَذَ يَرْسُمُ المَشْهَدَ بِمُتْعَةٍ.
المصدر: 1
مواضيع تهم الطلاب والمربين
والأهالي
إقرأ أيضاً
قصة للأطفال: لاغول في قريتنا بل غولان
قصة للأطفال: رحلة على قوس المطر
للمزيد
معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7
مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على
المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل
المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن
شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة
شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث
عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات
وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات
وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق