قصة وحكاية: • قصة وحكمة: الأسد والضفدع

الوهم

في سالف العصر والأوان، وفي غابةٍ باسقة الأغصان، وارفة الظلال، تعانق السماءَ قممُ أشجارها، وترتوي تربتُها بوابلٍ هطَّال، كان يصول ويجول أسدٌ جسور، عزيز المنال، شديد البأس والبطش، سلطان الغابة بلا منازع ولا جدال. تخضع له الوحوش طوعًا، وتهابه الكواسر والسباع، وتخشع لزئيره الرياح.

وذات صباحٍ مشرق الأضواء، طيب النسيم والهواء، خطر في خَلَد الأسد أن يطأ بقدميه موطناً لم يعرف له سبيلاً، ولا خطا نحوه يوماً ولا ليلاً، مستنقعٌ عميق الأغوار، كريه الرائحة، عجيب المنظر والآثار. سار في الوحل خطو المقتدر، يطأ الأرض بثباتٍ ووقار، حتى دوّى في سمعه صوتٌ غريب، صوتٌ ما أَلِفه، ولا استساغه، فرجف قلبُه الهادر، واضطربت أوصاله، وخفق فؤاده خفقان الجبان الحائر.

وقف الأسد برهةً، يُرهِف السمع، ويُطيل النظر، يُفتِّش بعينيه الوقادتين عن مصدر ذاك الصوت المستعر. وإذ باللحظة الفاصلة، ينفرج المستنقع عن ضفدعٍ صغيرٍ ضئيل، لا يُخيف نملةً ولا يزعج عصفورًا عليلاً. كان ذاك الصوت العجيب من ذاك المخلوق الضعيف، فما كان من الأسد إلا أن أدرك ما غاب عن ذهنه، وعلم أن الرَّهبة قد تَلبَّسته بغير داعٍ ولا سببٍ وجيه.

فولى الأسد مدبرًا، تسبقه العبرة، وتلاحقه الحكمة، وقد استقرَّ في صدره أن المخاوف كثيراً ما تكون أضغاث أوهام، وأن ما يُرهِب النفس قد يكون هباءً وسرابًا، لا يُخيف إلا الضعيف إذا استسلم، أو الجاهل إذا جهل.

فيسبوك: https://www.facebook.com/ali.ramadan.206789

منصة أكس: https://x.com/AliRamadan54

جديدنا كتاب:

100 قصة حب من كل زمان ومكان

إقرأ أيضاً:

قصة وعبرة: خروف العيد مرتين: جزاء الإحسان

قصة نجاح: كريستيانو رونالدو رحلة من الحرمان إلى المجد

قصة نجاح: توماس إديسون الصبي الذي أنار العالم

قصة مشاهير: نيقولا تسلا.. عبقري غيَّر وجه العالم

قصة مشاهير: توماس إديسون ينصب على نيقولا تسلا

للمزيد

حدوثة قبل النوم قصص للأطفال