الاثنين، 29 أبريل 2024

• قصة وحكمة: كونت لوستج له عينُ صَقر

حين تبحث عن مُغَفَّلٍ انتبه لِنُقطة ضعفه

في ديسمبر من عام 1920 م أخذ زُوّارُ أَحَدِ أفخمِ الفنادق في بالم بيتش يتأمَّلون باهتمامٍ وصول رجلٍ غامضٍ في سيارته الرولز رويس التي يقودها سائق ياباني، وظلوا في الأيام التالية يشاهدون هذا الزائر وهو يَتَجَوَّلُ في أرجاء الفندق بعصاه الأنيقة ويتلقى التلغرافات على رأس كل ساعة ولا يتحدث إلا قليلاً.

عرفوا من الشائعات أنه كونت، وأن اسمه فيكتور لوسنج، وأنه سَليلُ إحدى أَعرقِ العائلات في أوروبا، ولم يستطيعوا أن يعرفوا عنه أكثر من ذلك.

تَخَيَّلْ دهشتَهم وهم يرون لوستج يَتَوَجَّهُ إلى شخصٍ من أقلِّ رُوّاد الفندق شأناً، هو السيد هيرمان لولر، رئيس إحدى الشركات الهندسية ويتبادل معه حديثاً مطولاً. كان لولر حديثَ عَهْدٍ بالثراء، وكان يهمّه كثيراً أن يكتسب علاقاتٍ اجتماعية مُؤَثِّرة، لذلك شَعَرَ بالفخرِ وبشيءٍ من الرهبةِ أن يَتَقَرَّبَ منه هذا الرجل النبيل الذي يَتَحَدَّثُ الإنجليزية بطلاقة لكن بِلَكْنَةٍ أجنبية. وفي الأيام التالية تَكَوَّنَت صداقةٌ بين الرجلين.

كان لولر بالطَّبعِ هو الذي يقودُ دَفَّةَ الحديث، وذات ليلةٍ اعترف لصديقه الجديد أن أعمالَه مُتَعَثِّرَةٌ وينتظرها العديد من المشاكل، وباحَ إليه لوستج بأنه هو الآخر قد مَرَّ من قبل بمشکلاتٍ ماليةٍ خطيرةٍ بعد أن استولى الشيوعيون على ممتلكات وأراضي عائلته، وأنه كان أكبرَ من أن يَتَعَلَّمَ حِرفَةً أو أن يبدأَ في العمل، لكن الأقدارَ أَسعَفَته بحلٍّ وهو «آلةُ صُنعِ النُّقود». هَمَسَ إليه لولر مذهولاً "هل تُزَيِّفُ النُّقود؟" فأجابَه لوستج بالنَّفي، وشَرَحَ له أنه باستخدامِ عملية كيماوية سِرِّيَّةٍ يُمكنه أن ينسَخَ أيَّ عملةٍ ورقيةٍ بدِقَّةٍ تامّةٍ، وأنك لو وَضَعتَ ورقةً بدولارٍ ستجدها بعد ستِّ ساعات ورقتين لا يمكن التَّفريقُ بينهما بأيِّ وسيلةٍ. واستَمَرَّ يشرحُ له كيف استطاع أن يُهَرِّبَ آلتَه إلى خارج أوروبا، وأن الألمان كانوا قد صنعوها في الأصل لتدمير الاقتصاد الإنجليزي، وكيف أنقذته من الإفلاس في سنوات العُسر. بعد إلحاح شديدٍ من لولر أخذه لوستنج إلى غرفته وأخرج إليه صندوقاً أنيقاً من خشب الماهوجني به شقوق وأذرع وأقراص مُرَقَّمَة، وأخذ لولر يراقبه وهو يضعُ ورقةً بدولار داخل الصندوق، وفي الصباح التالي سَحَبَ لوستج واثقاً الورقتين من الصندوق مبللتين بالمواد الكيماوية.

أخذَ لولر الورقتين، وذهب بهما إلى أحد البنوك المحلية، فتَقَبَّلَها العاملون ولم يجدوا فيها شائبة، فعاد إلى لوستج يَتَوَسَّلُ إليه بحرارة كي يبيع له الآلة. أجابه لوستج أنه لم يصنع من هذه الآلة غير تلك التي يملكها، فعرض عليه لولر سعراً كبيراً هو 25,000 دولار (وهو ما يوازي 400,000 دولار في وقتنا الحالي)، ولكن ظل لوستج يُبدي التَّرَدُّدَ لأنه لم يكن يحب أن يدفع صديقه هذا المبلغ الكبير، لكن في النهاية وافقَ على البيع قائلاً «لن يُضيرك كثيراً ما تدفعه لي لأنك سَتُعَوِّضه في أيام قليلة بمضاعفة العملات»، ووافق على أخذ المال بعد أن جعل لولر يُقسم بأنه لن يُخبرَ أحداً بسرِّ هذه الآلة، وفي وقت متأخر من نفس اليوم دفعَ حساب الفندق وغادر. بعدها بعام، وبعد محاولات مستميتة لمضاعفة النقود، تَوَجَّهَ لولر إلى الشرطة يحكي لهم كيف خدعه کونت لوستج مستخدماً دولارين وبعض المواد الكيماوية وصندوقا رخيصاً من الماهوجني.

المصدر: THE 48 LAWS OF POWER, ROBERT GREEN (ترجمة د. هشام الحناوي)

 إقرأ أيضاً:

قصة للأطفال: في بيتنا أميرة

قصة للأطفال: عندما تغضب البراكين

قصة مُخَيِّبَة: وجه المهرج

قصة ملهمة: كوبٌ عجوز

قصة للأطفال: كوك.. البحار الذي رسم خريطة العالم

للمزيد             

حدوثة قبل النوم قصص للأطفال

كيف تذاكر وتنجح وتتفوق

قصص قصيرة معبرة

قصص قصيرة معبرة 2

معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب

قصص قصيرة مؤثرة

الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية

إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن

استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط

مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم

تربية الأبناء والطلاب

مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات

أيضاً وأيضاً

قصص وحكايات

الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور

شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور

الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها

تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات

كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها

مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق