الخميس، 4 أبريل 2024

• نوادر العرب: القاضي والأعرابي والرجال الأربعة

فراسة العرب

في ظهيرة يوم حار، اقتحم مجلس القاضي أعرابيّ، وهو يصرخ:

- بعيري... سرقوا بعيري... أيها القاضي...

تَأَمَّلَ القاضي الأعرابي الغاضب... كان هذا يلهث، وهو يحاول، دون جدوى، مَسْحَ العَرَقِ عن شفتيه وأنفه وعينيه، بطرف كوفيّته وهو يردد:

- بعيري... سرقـوا بعيري... وعليه حِمْلُ عسل.

شُغِلَ الأعرابي بعطسةٍ قوية فاجأته، فاغتنم القاضي الفرصة، وقال:

- إهدأ، يا رجل، وارتح، في غدٍ ننظر في قَضِيَّتك.

صاح الأعرابي: لا... لا، يا سيّدي.

سأل القاضي: ألا تنتظر حتى نُحضر المتهمين؟!

قال الأعرابي: المتهمون في الخارج ينتظرون الإذن بالدخول.

سأل القاضي: من أحضرهم؟!

قال الأعرابي: أتوا من تلقاء أنفسهم.

فكّر القاضي لحظات، ثم قال للحاجب: أَدخِل الرجال المنتظرين في الخارج.

دَخَلَ رجالٌ أربعة. حيّوا، ووقفوا في زاوية غير بعيدة عن القاضي.

تأملهم هذا وفكّر:

- (يبدون من عِلْيَةِ القوم، يتصرّفون بأدب... أتوا إلى مجلس القاضي من تلقاء أنفسهم.. .هل يسرق هؤلاء بعيرا)?!

ثم خاطب الأعرابي: ما دليلك، يا أخ العرب، على أن هؤلاء سرقوا بعيرك؟

فصرخ الأعرابي: دليلي واضح... شرد بعيري... لحقت به... اختفى في ديار هؤلاء الرجال... ولما التقيت بهم، وسألتهم عنه، وصفوه لي وصفاً دقيقاً، ثم أنكروا رؤيتهم له.

سأل القاضي الرجال: هل ما قاله هذا الأعرابي صحيح؟

ابتسم الرجال، وتبادلوا النظرات.

فصرخ الأعرابي: لا تصدّقهم، يا سيدي، مهما قالوا... قالوا لي:

- بعيرك أعور بالعين اليسرى، يعرج... ذنبه مبتور، يحمل عسلاً، وهو كما وصفوه تماماً، ثم أنكروا رؤيتهم له، بعيري يحمل عسلاً، يا سيدي، هو كل ما أملك...

عاد القاضي يسأل الرجال: هل ما قاله هذا الرجل صحيح؟

قال كبير الرجال: صحيح.

فقال القاضي بسرعة: كيف تصفون البعير وصفاً دقيقاً ولا تقرون برؤيته؟!

فقال الرجل الأول: لاحظتُ أن البعير لم يرعَ من العشب سوى القائم على يمين الطريق، فعرفتُ أنه لا يرى بعينه اليسرى.

وقال الرجل الثاني: ولاحظت أن آثار إحدى قوائمه أكثر عمقاً، فعرفتُ أنه كان يشدُّ عليها أكثر فتغوص في الرمال...

وقال الرجل الثالث: ولاحظتُ أنه عندما بَرَكَ تَرَكَ خطاً قصيراً مستقيماً، فعرفتُ أن ذَنَبَهُ مقطوع.

وقال الرجلُ الرابع: أما أنا فلاحظتُ أن صفّا من النحل يمتد طوال الطريق، فعرفت أن البعير يحمل عسلاً، وتقطرُ من الحِمْلِ قطراتٌ يَتَجَمَّعُ عليها النحل...

نَظَرَ القاضي إلى الرجال بإعجاب، وقال: فِراسةٌ تُكافأون عليها وتُحمدون.

فصرخ الأعرابي: وأنا ما شأني بفراستكم؟! أريد بَعيري وحِمْلَ العسل...

فخاطبَ القاضي الرجال: وما دمتم تملكون هذه الفراسة فلِم لم تساعدوا الرجل في العثور على بعيره؟

فقال كبير الرجال: لم يترك لنا فرصة.

فقال القاضي: وإن أعطيناكم هذه الفرصة؟

فقال الرجل الرابع، وهو يضحك: نقول للأعرابي: اتبَعْ خَطَّ صَفِّ النَّحلِ تَجد بعيرك في نهايته...

قَفَزَ الأعرابي، وعانَقَ الرَّجلُ، وهو يقول: ليتك قلت هذا الكلام من الأول...!

ثم قَفَزَ إلى الخارج، وراح يعدو صوب البادية...

إقرأ أيضاً:

قصة للأطفال: محاكمة جاليلو.. العلم ينتصر أخيراً

قصة للأطفال: تحت المطر

قصة للأطفال: جزيرة اللؤلؤ

قصة مشاهير: طه حسين ومحمد مهدي الجواهري

قصة مشاهير: الشاعر الجواهري خطه رديء

للمزيد             

حدوثة قبل النوم قصص للأطفال

كيف تذاكر وتنجح وتتفوق

قصص قصيرة معبرة

قصص قصيرة معبرة 2

معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب

قصص قصيرة مؤثرة

الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية

إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن

استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط

مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم

تربية الأبناء والطلاب

مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات

أيضاً وأيضاً

قصص وحكايات

الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور

شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور

الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها

تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات

كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها

مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق