الأحد، 7 سبتمبر 2014

• نوادر العرب: عبدالله يرث عبدالله لا يرث

يحكى أنه كانت هناك قبيلة تعرف باسم بني عرافه، وسميت بذلك نسبة إلى أن أفراد هذه القبيلة يتميزون بالمعرفة والعلم والذكاء الحاد !
وبرز من هذه القبيلة رجل كبير حكيم يشع من وجهه العلم والنور، وكان لدى هذا الشيخ ثلاثة أبناء سماهم جميعًا بنفس الاسم ألا وهو "عبدالله"، وذلك لحكمة لا يعرفها سوى الله وهو!

ومرت الأيام وجاء أجل هذا الشيخ وتوفي، وكان هذا الشيخ قد كتب وصية لأبنائه يقول فيها:"عبدالله يرث، عبدالله لا يرث، عبدالله يرث!".
وبعد أن قرأ الأخوة وصية والدهم وقعوا في حيرة من أمرهم لأنهم لم يعرفوا من هو الذي لا يرث منهم !
ثم إنهم بعد المشورة والسؤال قيل لهم أن يذهبوا إلى قاضٍ عُرف عنه الذكاء والحكمة، وكان هذا القاضي يعيش في قرية بعيدة... فقرروا أن يذهبوا إليه، وفي الطريق وجدوا رجلا يبحث عن شيء ما، فقال لهم الرجل: هل رأيتم جملا؟
فقال عبدالله الأول: هل هو أعور؟ فقال الرجل نعم .
فقال عبدالله الثاني: هل هو أقطب الذيل؟ فقال الرجل نعم .
فقال عبدالله الثالث: هل هو أعرج؟ فقال الرجل نعم .
فظن الرجل أنهم رأوه، لأنهم وصفوا الجمل وصفا دقيقًا، ففرح وقال: هل رأيتموه؟ فقالوا: لا... لم نره !
فتفاجأ الرجل كيف لم يروه وقد وصفوه له! فقال لهم الرجل أنتم سرقتموه، وإلا كيف عرفتم أوصافه؟
فقالوا: لا والله لم نسرقه...
فقال الرجل: سأشتكيكم للقاضي، فقالوا نحن ذاهبون إليه فتعال معنا .
فذهبوا جميعا للقاضي وعندما وصلوا إلى القاضي وشرح كل منهم قضيته، قال لهم: اذهبوا الآن وارتاحوا فأنتم تعبون من السفر الطويل، وأمر القاضي خادمه أن يقدم لهم وليمة غداء، وأمر خادمًا آخر بمراقبتهم أثناء تناول الغداء...
وفي أثناء الغداء قال عبدالله الأول: إن المرأة التي أعدت الغداء حامل.
وقال عبدالله الثاني: إن هذا اللحم الذي نتناوله لحم كلب وليس لحم ماعز .
وقال عبدالله الثالث: إن القاضي ابن زنا ..
وكان الخادم الذي كُلف بالمراقبة قد سمع كل شي منهم الثلاثة.
وفي اليوم الثاني سأل القاضي الخادم عن الذي حدث أثناء مراقبته لهم...
فقال الخادم: إن أحدهم قال أن المرأة التي أعدت الغداء حامل! فذهب القاضي لتك المرأة وسألها عما إذا كانت حاملاً أم لا، وبعد إنكار طويل من المرأة وإصرار من القاضي، اعترفت المرأة أنها حامل، فتفاجأ القاضي كيف عرفوا أنها حامل وهم لم يروها أبدا !
ثم رجع القاضي إلى الخادم وقال: ماذا قال الآخر؟ فرد الخادم أنه قال: إن اللحم الذي أكلوه على الغداء كان لحم كلب وليس لحم ماعز. فذهب القاضي إلى الرجل الذي كلف بالذبح فقال له: ما الذي ذبحته بالأمس؟ فقال الذابح أنه ذبح ماعزًا، ولكن القاضي عرف أن الجزار كان يكذب، فأصر عليه أن يقول الحقيقة إلى أن اعترف الجزار بأنه ذبح كلبًا لأنه لم يجد ما يذبحه من أغنام أو ما شابه. فاستغرب القاضي كيف عرف أن اللحم الذي أكلوه كان لحم كلب وهم لم يروا الذبيحة إلا على الغداء !
وبعد ذلك رجع القاضي إلى الخادم وفي رأسه تدور عدة تساؤلات، فسأله إن كان الآخر قد قال شيئًا، فقال الخادم: لقد قال أن القاضي ابن زنا... فانهار القاضي على الفور!
وبعد تفكير طويل قرر أن يذهب إلى أمه ليسألها عن والده الحقيقي... في بداية الأمر تفاجأت الأم من سؤال ابنها وأجابته وهي تخفي الحقيقة، وقالت: أنت ابني، وأبوك هو الذي تحمل اسمه الآن، إلا أن القاضي كان شديد الذكاء، فشك في قول أمه وكرر لها السؤال وألح عليها حتى خضعت الأم لرغبات ابنها وقالت له أنه ابن رجل آخر كان قد زنا بها، فأصيب القاضي بصدمة عنيفة كيف يكون ابن زنا، وكيف لم يعرف بذلك من قبل! والسؤال الأصعب كيف عرف عبدالله الثالث بذلك !
وبعد ذلك جمع القاضي العبادلة الثلاثة وصاحب الجمل لينظر في قضية الجمل وفي قضية الوصية، فسأل القاضي عبدالله الأول: كيف عرفت أن الجمل أعور؟
فقال عبدالله: لأن الجمل الأعور غالبًا يأكل من جانب العين التي يرى بها ولا يأكل الأكل الذي وضع له في الجانب الذي لا يراه، وأنا قد رأيت في المكان الذي ضاع فيه الجمل آثار مكان أكل الجمل؛ واستنتجت أن الجمل كان أعورًا .
وبعد ذلك سأل القاضي عبدالله الثاني قائلاً: كيف عرفت أن الجمل كان أقطب الذيل؟ فقال عبدالله الثاني: إن من عادة الجمل السليم أن يحرك ذيله يمينًا ويسارًا أثناء إخراجه لفضلاته، وينتج من ذلك أن البعر يكون مفتتًا في الأرض، إلا أني لم أرَ ذلك في المكان الذي ضاع فيه الجمل، بل على العكس رأيت البعر من غير أن ينثر، فاستنتجت أن الجمل كان أقطب الذيل !
وأخيرا سأل القاضي عبدالله الأخير قائلاً: كيف عرفت أن الجمل كان أعرجًا؟ فقال عبدالله الثالث: رأيت ذلك من آثار خف الجمل على الأرض، فاستنتجت أن الجمل كان أعرجًا .
وبعد أن استمع القاضي للعبادلة اقتنع بما قالوه، وقال لصاحب الجمل أن ينصرف بعدما عرفوا حقيقة الأمر.. وبعد رحيل صاحب الجمل قال القاضي للعبادلة: كيف عرفتم أن المرأة التي أعدت لكم الطعام كانت حاملا؟ فقال عبدالله الأول: لأن الخبز الذي قُدم على الغداء كان سميكًا من جانب ورفيعًا من الجانب الآخر، وذلك لا يحدث إلا إذا كان هناك ما يعيق المرأة من الوصول إليه، كالبطن الكبير نتيجة للحمل، ومن خلال ذلك عرفت أن المرأة كانت حاملاً!
وبعد ذلك سأل القاضي عبدالله الثاني قائلا: كيف عرفت أن اللحم الذي أكلتموه كان لحم كلب؟ فقال عبدالله: إن لحم الغنم والماعز والجمل والبقر جميعها تكون حسب الترتيب التالي (عظم - لحم - شحم) إلا الكلب فيكون حسب الترتيب التالي (عظم- شحم – لحم ) ؛ لذلك عرفت أنه لحم كلب.
ثم جاء دور عبدالله الثالث وكان القاضي ينتظر هذه اللحظة، فقال القاضي: كيف عرفت أني ابن زنا؟ فقال عبدالله: لأنك أرسلت شخصًا يتجسس علينا، وفي العادة تكون هذه الصفة في الأشخاص الذين ولدوا بالزنا .
فقال القاضي: لا يعرف ابن الزنا إلا ابن الزنا.. أنت ابن الزنا وابن الزنا لايرث !!!

 تابعونا على الفيس بوك
مواضيع تهم الطلاب والمربين والأهالي
قصص للأطفال وحكايات معبّرة
إقرأ أيضًا

للمزيد





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق