الاثنين، 23 سبتمبر 2024

• قصة للأطفال: القنفذ والحيوانات الصغيرة

صَداقَةُ

في غابةٍ مُترامِيَةِ الأطرافِ، غَنِيَّةٍ بجمالِ الطَّبيعةِ وسِحْرِ الحياةِ، كانَ يَعيشُ قُنْفُذٌ صغيرٌ يُدْعى "قُنْفُود". كانَ "قُنْفُود" يَميلُ إلى اللَّعِبِ واللهوِ مع سُكّانِ الغابَةِ من الحيواناتِ الصّغيرةِ، إلّا أنَّ مُشْكِلَتَهُ الكُبْرَى كانَتْ تَكْمُنُ في ظَهْرِهِ، المُغَطَّى بشَوْكٍ حادٍّ، يَمْنَعُ أَصْدِقاءَهُ من الاقترابِ منهُ ويَحولُ بَيْنَهُم وبَيْنَ مُتْعَةِ اللَّعِبِ مَعَهُ.

لقد جَرَتْ بَيْنَهُ وبَيْنَ الأرنبِ حادثةٌ مُؤْلِمَةٌ، حينَما ثَقَبَ شَوْكُ "قُنْفُود" كُرَةَ الأرنبِ وهو يَلْهو بها؛ وكذا عندما أَرادَ أنْ يَسيرَ مع السُّلَحْفاةِ في جَوْلَةٍ وِدِّيَّةٍ، فأصابَ يَدَها بشَوْكِهِ دونَ قَصْدٍ، ما جَعَلَها تَتَأَلَّمُ وتَبْتَعِدُ عنهُ. حينَئِذٍ، فَهِمَ "قُنْفُود" أنَّهُ بمَثَابَةِ خَطَرٍ على أصدقائِهِ، وأنَّ قُرْبَهُ مِنْهُم قد يُسَبِّبُ لهم الأذى. ولأنَّهُ يُحِبُّهُم حُبّاً عَظيماً، قَرَّرَ أنْ يَعْتَزِلَهُم ويَبْتَعِدَ في بَيْتِهِ، عازِماً ألّا يَخْرُجَ منهُ ثانيةً، حتَّى لا يُثْقِلَ على قَلْبِهِ مَشْهَدَ أَذِيَّتِهِم، وإنْ كانَ ذلكَ بِغَيْرِ إرادتِهِ.

مَرَّتِ الأيَّامُ ثَقيلَةً بَطيئةً، واختفى "قُنْفُود" عن أنْظَارِ الحيواناتِ، فأخذَتْ تَتَساءلُ فيما بَيْنَها عن غِيابِهِ. وبعدَ البحثِ والتَّقَصِّي، عَلِمُوا سَبَبَ انْزوائِهِ وحُزْنِهِ. فاجْتَمَعُوا على الرَّأيِ القَوِيمِ، واتَّفَقُوا أنَّ الصَّدِيقَ لا يُتْرَكُ وَحيداً في مِحْنَتِهِ، وأنَّ لكُلِّ مُشْكِلَةٍ حَلاً إذا أُعْمِلَ العَقْلُ والتَّدْبِيرُ. فَقَرَّرَتِ الحيواناتُ أنْ تَصْنَعَ لهُ حَلّاً يُعِيدُ الابْتِسَامَةَ إلى قَلْبِهِ الصَّغيرِ.

اجْتَمَعُوا وأحْضَرُوا هَدِيَّةً عَجِيبَةً، ثُمَّ سارُوا مَعاً صَوْبَ بَيْتِ "قُنْفُود"، طَرَقُوا بَابَهُ، وَلَمَّا فَتَحَ لهم، أَشْرَقَ وَجْهُهُ بشَوْقِ اللِّقَاءِ، وقد أغْرَورَقَتْ عَيْنَاهُ بِدُمُوعِ الفَرَحِ لِرُؤيَةِ أَصْدِقائِهِ مِنْ جَديدٍ. ابْتَسَمَتْ لهُ الحيواناتُ، وقدَّمَتْ لهُ الهَدِيَّةَ. فَتَحَها "قُنْفُود" بِلَهْفَةٍ، لَكِنَّهُ فُوجِئَ بِما رَأى؛ لَمْ يَجِدْ سِوى قِطَعٍ صَغيرَةٍ من الفِلِّينِ، تَعَجَّبَ مِنْ ذلكَ وَلَمْ يَفْهَمْ مُرادَهُم.

اقْتَرَبَتِ الحيواناتُ من "قُنْفُود"، وبدأُوا بوَضْعِ قِطَعِ الفِلِّينِ بِعِنايةٍ فَوْقَ شَوْكِهِ الحادِّ، واحِدَةً تِلْوَ الأُخْرَى، حتَّى غَطَّوْا ظَهْرَهُ كامِلاً، فاخْتَفَى الشَّوْكُ تَحْتَ الفِلِّينِ النَّاعِمِ. وعندَها، اقْتَرَبَ أَصْدِقَاؤُهُ مِنْهُ، وعانَقُوهُ بِحُبٍّ، مُطْمَئِنِّينَ إلى أنَّ شَوْكَهُ لَنْ يُؤذِيَهُم بعدَ الآنِ. فَكانَتْ تِلْكَ اللَّحْظَةُ هي إعْلانَ انْتِهاءِ عُزْلَةِ "قُنْفُود" وعَوْدَتِهِ إلى اللَّعِبِ مع أَصْدِقائِهِ في الغابةِ بفَرَحٍ لا تَشُوبُهُ مَخاوِفٌ ولا يُعَكِّرُهُ أَلَمٌ.

وهكذا، تَعَلَّمَ "قُنْفُود" والحيواناتُ دَرْساً عَميقاً: أنَّ الصَّداقةَ الحَقِيقِيَّةَ لا تُكَسِّرُها العَقَباتُ، وأنَّ التَّعاوُنَ والفِكْرَ الصَّائِبَ كَفِيلانِ بتَجاوُزِ كُلِّ صَعْبٍ وحَلِّ كُلِّ مُشْكِلَةٍ.

 إقرأ أيضاً:

قصة للأطفال: آلة العظماء

قصة للأطفال: الإوزة الذهبية

قصة وحكمة: أرنب بري من أجل الشبل

قصة وحكمة: الثعلب وهيبة ملك الغاب

قصة وحكمة: الثعلب والقطة

للمزيد            

حدوثة قبل النوم قصص للأطفال

كيف تذاكر وتنجح وتتفوق

قصص قصيرة معبرة

قصص قصيرة معبرة 2

معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب

قصص قصيرة مؤثرة

الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية

إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن

استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط

مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم

تربية الأبناء والطلاب

مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات

أيضاً وأيضاً 

قصص وحكايات

الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور

شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور

الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها

تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات

كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها

مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق