الصديق الوفي
كان هناك أخطبوطٌ خجولٌ وهادئ. تَجِده دائمًا بمفرده تقريبًا، لأنه على الرغم من رغبته في أن يكون لديه الكثير من الأصدقاء، إلا أنه كان شديدَ الخجل مما كان يمنعه من التَّعَرُّف على الآخرين.
ذات
مرةٍ كان الأخطبوطُ يحاولُ اصطيادَ محارٍ زَلِقٍ للغاية. قبل أن يعرف ذلك، كان قد
تَوَرَّطَ في عقدةٍ واحدة ضخمة حيث تداخلت أَذْرُعُهُ الثمانية في بعضها، ولم يستطِع
الحركة. لقد حاول بكل قُوَّتِه التَّمَلُّصَ، لكن ذلك لم يكن ذا نَفْعٍ. في
النهاية، على الرغم من الإحراج الكبير الذي شَعَرَ به عند رؤيته في مثل هذا
التشابك، كان عليه أن يطلب المساعدة من الأسماك المارة. سَبَحَت العديد من
الأسماك، مُتجاهِلَةً إياه، لكن سمكةً صغيرة لطيفة للغاية عَرَضَتْ المساعدة في فَكِّ
كل تلك الأذرع من بعضها عن طريق دَسِّ رأسها وتحريكها شيئاً فشيئاً.
شَعَرَ
الأخطبوطُ بارتياحٍ شديد عندما تَحَرَّرَ أخيرًا، لكنه كان خجولًا لدرجة أنه لم يجرؤ
على التَّحَدُّثِ إلى السمكة والتعرف عليها. شَكَرَها وسَبَحَ بسرعة مبتعدًا. في
وقت لاحق، قضى الأخطبوط طوال الليل يُفَكِّرُ في أنه قد أضاع فرصةً عظيمة لِتَكْوين
صداقةٍ مع السمكة الصغيرة اللطيفة التي أنقذته.
بعد
يومين، كان الأخطبوط يستريحُ بين الصخور، عندما لاحظ أن كلَّ من حوله كان يسبحُ
على عَجَلٍ. نَظَرَ إلى الجَلَبَةِ ورأى سمكةً ضخمةً قادمةً لِتَتَغَذَّى في تلك
المنطقة. اختبأَ الأخطبوطُ بسرعةٍ ثم نَظَرَ من مَخبأه، ورأى السمكةَ الضخمةَ تُطاردُ
السمكةَ الصغيرة اللطيفة التي فَكَّتْ أَسْرَهُ من قبل. كانت تلك السمكة الصغيرة
بحاجة فعلاً إلى مُساعدة عاجلة، لكن السمكةَ الكبيرة كانت خطيرةً للغاية - ولم
يجرؤ أحدٌ على الاقتراب منها. شَعَرَ الأخطبوط، متذكرًا كيف ساعدته السمكةُ
الصغيرة، وأن من واجبه القيام بكل ما في وسعه لتقديم المساعدة لها.
دون
ترددٍ، انطلقَ الأخطبوطُ من الصخور. لقد وَضَعَ نفسَه في مَسارِ السَّمَكَةِ
العملاقة، وقبل أن تتمكن السمكةُ من فِعلِ أيِّ شيءٍ حِيَال ذلك، كان الأخطبوطُ قد
أَطْلَقَ أكبرَ نَفْثَةِ حبرٍ في حياته.. لماذا سمّوه (الحبَّار) إذاً؟ أَمْسَكَ
بالسمكة الصغيرة وسَبَحَ مرةً أخرى للاختباء في الصخور. حدث كل شيء بسرعة كبيرة
لدرجة أن السمكة الكبيرة لم يكن لديها الوقت لِلرَّدِّ. ومع ذلك، سرعان ما تَعَافَتْ
من المفاجأة. ذهبتْ إلى الصخور تبحثُ عن الأخطبوط والسمكة الصغيرة. أرادت حقًا أن
تَلْتَهِمهما!
لكنها
سرعان ما بدأت تشعر بِحكّة رهيبة. أولاً في خياشيمها، ثم في زعانفها، ثم في جميع
أنحاء جسدها. اتَّضَحَ أن حِبْرَ الأخطبوط الداكن قد أصابها بحساسية رهيبة!! لذلك
سبحت السمكة الكبيرة بعيدًا، غاضبةً مُشَتَّتَةً في كل مكان. وبمجرد رحيلها، أَتَتْ
جميعُ الأسماك التي كانت مُختبئة وهَنَّأَت الأخطبوطَ على شجاعته. ثم أخبرَهم في
حياءٍ كيف أن السمكةَ الصغيرة ساعدته قبل أيام قليلة، لكنه لم يعرف أبدًا أن أي
شخص يشعر بالامتنان لدرجة أنه قد ينتهي به الأمر بفعل شيء خطير للغاية لِرَدِّ
الجميل. عند سماع ذلك، اكتشفت السمكةُ الأخرى مدى روعة الأخطبوط الخجول، وكان كل
من حوله حريصًا على أن يكون صديقًا لمثل هذا الأخطبوط الشجاع والمشرف.
بواسطة
د.هاني حجاج
المصدر:
1
للمزيد
معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق