أحمر أصفر أخضر
دَخَلَت المعلمةُ الجديدة الفصل، فانقطع لمرآها - فجأة - حِسّ الضجيج الصبياني الذي لا يهدأ، ارتسمتْ ملامحُ الجدِّ على الوجوه الصغيرة، وبأعين الأطفال الريفية المندهشة، التي تطفح بالفضول والوجل، كان أطفال الصف الأول يختلسون النظر للمعلمة القادمة من المدينة البعيدة لمدرستهم لكي تعلّمهم.
وقف
الأطفال تحيةً لها، فقالت لهم:
-
صباح الخير يا أطفال.
ردّوا
عليها بصوتٍ واحد:
-
صباح النور.
عندما
جلسوا، أمسكت المعلمةُ بقطعة الطباشير، وكتبتْ بخط كبير على السبورة: إشارات المرور.
ثم
رسمتْ بالطباشير الملوّن ثلاث دوائر: واحدة حمراء وواحدة خضراء وواحدة صفراء،
قالتْ المعلمةُ للولد الأول:
-
قف أنت.
وعندما
وقف، سألته:
-
في إشارات المرور... ماذا يعني اللون الأحمر؟
وفكّر
الولد قليلاً، في قريتهم الصغيرة لا توجد إشارات مرور، والشوارع التي يمشي بها أهل
قريته لا تظهر بها إلا سيارات قليلة، وعلى فترات متباعدة، وأنه عندما كان يجلس تحت
نخلتهم الواقفة أمام دارهم، والتي تحمل في آباطها السباطات المكتنزة بالبلح الأحمر،
لم يكن يشاهد على الطريق سوى الفلاحين، ومعهم دوابهم وهم في طريقهم للحقول.
فأجاب:
-
الأحمر لون البلح الناضج في أعالي النخيل.
أشارت
المعلمة للولد الثاني، وقالت له:
-
قف أنت.
وعندما
وقف، سألته:
-
في إشارات المرور.. ماذا يعني اللون الأصفر؟
وفكّر
الولد الثاني قليلاً، كان قد رأى أباه وأخوته في الصباح الباكر، عندما حملوا
(الشراشر) و(المناجل) في طريقهم للحقل، كي يحصدوا سيقان القمح الصفراء، ولم تكن
هناك إشارات للمرور، فأجاب:
-
الأصفر لون القمح الذهبي في الحقول.
أشارت
المعلمة للولد الثالث. وقالت له:
-
قف أنت.
وعندما
وقف، سألته:
-
في إشارات المرور، ماذا يعني اللون الأخضر؟
وفكر
الولد الثالث قليلاً، إنه يأتي من الدار للمدرسة، ويعود من المدرسة للدار، وأحياناً
يصحبه أبوه معه للحقل، ويمشي في طرق ليست بها إشارات مرور، لكنه يكون سعيداً عندما
يرى خضرة الحقول الممتدة أمامه على مدد النظر، فأجاب:
-
الأخضر لون الزرع في الحقول.
صاحت
المعلمة القادمة من المدينة البعيدة في الأولاد الثلاثة:
-
خطأ... خطأ... إجابات خطأ.
ونظرتْ
في عيني الولد الأول، وقالت:
-
في إشارات المرور... الأحمر يعني: قف.
ونظرتْ
في عيني الولد الثاني، وقالت:
-
في إشارات المرور... الأصفر يعني: استعد.
ونظرت
في عيني الولد الثالث، وقالت:
-
في إشارات المرور... الأخضر يعني: سِرّ.
قالت
المعلمة القادمة من المدينة البعيدة للأولاد:
-
اجلسوا... سوف أسألكم مرة أخرى.
وعندما
سألتْ ولدًا رابعًا عن اللون الأحمر، أجاب:
-
لون البلح.
وعندما
سألتْ ولدًا خامسًا عن اللون الأصفر، أجاب:
-
لون القمح.
وعندما
سألت ولدًا سادسًا عن اللون الأخضر، أجاب بتصميم:
-
لون الزرع في الحقول.
احتارت
المعلمة القادمة من المدينة البعيدة، وضحكت لأول مرة، وهي تنظر في عيون أطفال الصف
الأول عندئذ أضاءت البسمة كل وجوه الأطفال، وهم يرجونها، أن تأخذهم معها في رحلة
للمدينة، كي يروا بأعينهم إشارات المرور.
محمد
عبدالله الهادي
إقرأ أيضاً:
قصة للأطفال: الفَخّ والعصفور الصغير
قصة مُلهمة: الحمار المخطط الصغير لا ينسى أمه
للمزيد
معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق