السبت، 27 فبراير 2021

• قصة غريبة: تحت السواهي دواهي


الزوجة

شعبان رجل بسيط متواضع هاديء الطباع قليل الكلام، نحيف الجسد متوسط الطول أسمر البشرة، إذا حضر لا يُعَدُّ وإذا غاب لا ُيفتقد.

بلغ من العمر نهاية العقد الخامس، وتدرّج في سلّم الوظيفة من القاع في محاكم المدينة حتى وصل إلى درجة حاجب.

كان قد استقر في المدينة بعد أن هجرت عائلته الريفَ منذ طفولتة، فنشأ واعتاد حياة الحضر الرخية بعيداً عن شظف العيش في قفر الريف.

له من الذرية سبعةٌ من الذكور وثلاث من الإناث وأعمارهم من ثلاثين ونيف سنة، حتى سن الصِبا.

كانت حياته منتظمة بين دوام الوظيفة والجلوس في المقهى الواقع على الشارع العام، القريب من المنزل.

مرت الأيام وتوالت السنون حتى أسقطه المرض بالجلطة القاضية، أفقدته النطق مع شلل نصفي، استدعى كرسياً مُدَولب للحركة والتنقل.

مرت الأيام وتوالت الأسابيع وطال مكوث المرض في جسد الرجل، ورفض الرحيل وأصر على جعل الشيخ سقيماً عليلاً.

انفطر قلب زوجته وأم أولاده وهي تشاهده يذبل على كرسي العوق والشلل... فأولاده من الذكور، كلٌ يخرج إلى عمله، ويبقى هو في غرفته مثل طير أليف، كسير الجناح، فقررت دفعه على الكرسي والذهاب به إلى المقهى ليُرَوِّح عن نفسه وليختلط بأقرانه ومعارفه.

كانت تَصُفُّ الكرسي عند طرف المقهى، وتنصرف لبعض شؤونها أو تتنحّى جانباً، بينما عيناها لا تفارق شريك حياتها، ثم بعد الفراغ تسحبه رجوعاً إلى البيت.

وفي يومٍ ربيعي مشمس كان يجلس عند ناصية المقهى كالمعتاد والزوجة الوفية تراقب من بعيد، حتى دنتْ منه سيدةٌ ثلاثينة، وانحنت تكلمه أو تحاول التواصل معه، فقفلت زوجته راجعة بخطىً حثيثة، حتى وصلت، بينما هو يكافح ويناضل ليجيب ويتواصل مع السيدة الشابة.

سألتها بهدوء وبصوت منخفض: ماذا تريدين؟ ألا تلاحظين مرض الرجل وعجزه؟

ردت الشابة: وما شأنك أنتِ؟ فأنا زوجته!!!!

اشتعلت النيران بفؤاد أم الأولاد ولا تكاد تصدق، ونزل الخبر عليها كالصاعقة، فأمسكت بمقبض الكرسي وسحبته بهدوء، مخاطبًة الشابة: اتبعيني...

دخلوا البيت القريب فتساءلت السيدة: أعيدي على مسامعي قصتك بالتفصيل.

ردّت الشابة: تعرفت عليه في المحكمة ووجدت فيه الرجل المنشود، وعرض عليَّ الزواج، فوافقت وقلتُ سيعوِّضني هذا الرجل الطيب عن فشلي في زواجي السابق، وقد استأجر لي بيتاً وكانت حياتنا هادئة لسنوات. حتى انقطع عني فجأة فأصابني القلق، وراجعت المحكمة فأخبروني خبره. بحثتُ وبحثتُ، واليوم جئت أعود زوجي...

هنا لم تتكلم الزوجة الأولى ولا كلمة ولم تنطق بحرف واحد بل  انهالت على ضرتها ضرباً بالمداس البلاستك حتى أوسعتها جلداً بينما تحاول الضحية البحث عن الباب للهروب بأقل الخسائر... هنا سمعت البنات الصراخ وأصوات الاستنجاد والاستغاثة فخرجن مندهشات، بينما هربت الشابة  مذعورة مصدومة حافية حتى توارت في الزقاق...!

طارق الوزان

تابعونا على الفيسبوك

مواضيع تهم الطلاب والمربين والأهالي

حكايات معبّرة وقصص للأطفال

www.facebook.com/awladuna

إقرأ أيضاً

 قصة دينية: نفوس عرفت الله

قصة ملهمة: الحسنة بعشر أمثالها وأكثر

قصة وعبرة: الصدق مع الله

نوادر العرب: الخبز بدون لحم

قصة مُخيِّبة: فما أكثر الإخوان حين نعدهم

للمزيد              

حدوثة قبل النوم قصص للأطفال

كيف تذاكر وتنجح وتتفوق

قصص قصيرة معبرة

قصص قصيرة معبرة 2

معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب

قصص قصيرة مؤثرة

الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية

إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن

استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط

مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم

تربية الأبناء والطلاب

مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات

أيضاً وأيضاً

قصص وحكايات

الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور

شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور

الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها

تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات

كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها

مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية

 





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق