إن كُنْتَ النَّبي داود ابحث لك عن جالوت تصرعه
في عام 1514 كان بيترو آرتينو في الثانية والعشرين من عمره ويعملُ في مهنة بسيطة وضيعة هي مساعد طباخ لدى عائلة شهيرة من رومانيا، وكان يحلمُ أن يصبحَ كاتباً عظيماً يحتفي العالم باسمه، ولكن كيف كان لخادمٍ مثله أن يحقق هذه المكانة؟
في
نفس هذا العام تَلَقّى البابا ليو العاشر إرساليةً من ملك البرتغال ومعها هدايا
كثيرة، من بينها فيلٌ كبير، وكان أولَّ فيل تراه روما بعد انهيار الإمبراطورية
الرومانية. أحبَّ البابا الفيلَ كثيراً وأَغدقَ عليه بالاهتمام والهدايا، على
الرغم من كل هذه الرعاية والحب مَرِضَ الفيلُ الذي كان قد سَمّاه "هانو"
مرضاً خطيراً، فَجَمَعَ له البابا الأطباءَ والذين جعلوه يتناول خمسمائة رطل من
الشراب المُسَهِّل، لكن لم يُجْدِهِ ذلك نفعاً.
مات
"هانو" وحَزِنَ عليه البابا حزناً شديدا،ً ولكي يُخَفِّفَ عن نفسه هذا
الحزن جعل رافاييل يرسم لـ"هانو" صورةً بحجمه الطبيعي، وضَعَها فوق قبره
وكَتَبَ عليها عبارة «ما أخذته الطبيعة استعاده رافاييل بفنه».
بعد
أيام قليلة انتشر بين سكان روما كُتَيِّبٌ (كتبه سرّاً بيترو آرتينو) أَضحَكَ كلَّ
من قرأَه، وكان عنوانه «الوصية الأخيرة للفيل "هانو" وشهادته على العصر»،
نقتطع منه ما يلي: «إلى وريثي الكاردينال سانتا
كروس أمنح رُكْبَتَيّ حتى يجيد الركوع مثلما كنتُ أفعل...، وإلى وريثي الكاردينال
سانتي كواترو أمنحه فمي كي يستطيع أن يلتهم التبرعات التي تُعطى باسم المسيح...،
وإلى الكاردينال مديتشي أُورثه أُذنيّ حتى يَتَجَسَّسَ على أفعال الجميع...»، وأَهدى
الفيلُ للكاردينال جراسي الشهير بالفجور خَلفيته الضخمة التي يستحقها.
لم
يَدَع الكُتَيِّبُ الذي لم يُذكر حينها اسمُ مُؤَلِّفِه أَحداً من مشاهير روما حتى
البابا نفسه دون أن يَسخَرَ من نقطة ضَعفه. انتهى الكُتَيِّبُ بعبارة شِعرية ترجمتُها
«احرص على أن تجعل من آرتينو صديقاً لك / لأنك لن تحتمل عداوته / فبالكلمات وحدها
يستطيع أن يَدَمِّرَ البابا في قداسته / وليرحم الله الجميع من لسانه».
بِکُتَيِّبٍ
واحد صغير استطاع آرتينو الجريء أن يرتفعَ من خادم متواضع وابن صانع أحذية إلى
کاتبٍ شهير يَودّ الجميع في روما أن يَتَعَرَّفَ عليه ويَتَقَرَّب منه، بل أن
البابا نفسه قد بحث عنه وأعطاه لاحقاً وظيفةً في البلاط البابوي، وعرفه الناس باسم
«جلاد الأمراء»، وأَكْسَبَهُ لسانُه اللاذع الاحترام والرهبة من عظماء أوروبا ومن
بينهم ملكُ فرنسا وإمبراطور هابسبرج.
المصدر: THE 48 LAWS OF POWER, ROBERT GREEN (ترجمة د. هشام الحناوي)
إقرأ أيضاً:
قصة سياسية: مُفَوَّض الحزب اعتقلني ثلاث مرات
قصة وحكمة: المشعوذ الدجّال طبيب الجبال
قصة وحكمة: الدجّال مسمر رائد المغناطيسية
قصة مثل: كنّا بواحد صرنا بثنين
للمزيد
معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق