إن أظهرتَ جرأتك مباغتةً ودون تَوَقُّعٍ فستكون خشيةُ الناس لك أكبر بكثير
في عام 1533 وحين كان فاسيلي الأكبر الدوق الأكبر لموسكو وحاكم روسيا شبه الموحدة يعاني سكرات الموت أعلن ابنه إيفان الرابع الذي كان في الثالثة من عمره خليفةً له، وعَيَّنَ زوجته هيلينا وَصِيَّةً على إيفان إلى أن يبلغ سن الرشد ويستطيع الحُكم بنفسه.
فَرِحَ
بذلك سراً البكوات النبلاء، ورأوا في ذلك فرصتهم في إهانة الأسرة الملكية واستعادة
سطوتهم من أدوات موسكو الذين ظلوا لسنواتٍ يوسعون نفوذهم على حساب البكوات؛ ولم
يعد يقف في طريقهم لتحقيق ذلك سوى حاکمٍ طفلٍ وَوَصِيَّةٍ عديمة الخبرة.
كانت
هيلينا الشَّابّة تُدرِكُ هذه المخاطر، فلجأت لصديقها الأمير إيفان أوبلونسكي
ليساعدها في الحكم، لكنها ماتت فجأة بعد خمس سنوات من الوصاية بعد أن وضع لها السّمّ
أَحَدُ أبناء عائلة شويسكي أكثر عشائر البكوات نفوذاً. سيطر أمراءُ شويسكي على الحُكم
ووضعوا أوبلونسكي في السجن وتركوه حتى مات جوعاً، هكذا وفي الثامنة من عمره أصبح
إيفان يتيماً ذليلاً، وكان عقابُ من يهتم به من الأسرة الحاكمة أو من البكوات هو
النفي أو القتل.
كان
إيفان يجولُ في القصر جائعاً مُمَزَّقَ الملابس مُختبئاً من آل شويسكي الذين كانوا
يعاملونه بقسوة كلما رأوه. وأحياناً كان آل شويسكي يبحثون عن إيفان، ويلبسونه
الرداء الملكي، ويُمسِكونه صولجاناً، ويُجلسونه على العرش كطريقة للسخرية من أَحَقِّيَّتِهِ
في المُلْكِ، وبعدها يضربونه ويطردونه. وفي إحدى الليالي أخذ
العديدون منهم في مطاردة المتروبوليتان رأس الكنيسة
الروسية في أرجاء القصر، فاختبأ في غرفة إيفان، وأخذ الطفلُ يراقب في رُعبٍ آل
شويسكي يدخلون الغرفة وينهالون بالضرب والسّباب على المتروبوليتان.
لم
يكن لإيفان داخل القصر صديق يُوَاسيه وينصحه سوى واحدٍ من البكوات اسمه فورنتسوف؛
لكن ذات يومٍ وبينما كان فورنتسوف يتحاور مع المتروبوليتان الجديد في حجرة الطعام
بالقصر، هجمت جماعةٌ من آل شويسكي وانهالوا على فورنتسوف بالضرب وأهانوا
المتروبوليتان بتمزيق ردائه وسَحْقِه بأقدامهم، وبعدها تَمَّ الحكم على فورنتسوف
بالنفي من موسكو.
تَأَمَّلَ
إيفان كُلَّ ما يجري صامتاً، وظَنَّ البكوات أن خطتهم قد كُلِّلَت بالنجاح: فقد تَحَوَّلَ
الشّاب إلى مَطِيَّةٍ لهم وأصبح أَبلهاً ومُطيعاً، ورأوا أن بإمكانهم عَدَمَ شغل
أنفسهم به، بل وتركه يفعل ما يريد. لكن في ليلة 19 ديسمبر من عام 1543 وفي الثالثة
عشر من عمره طلب إيفان من الأمير أندريا شويسكي أن يأتي إليه في غرفته، وحين دخل
عليه الأمير وجد الغرفة مليئة بالحرس. أشار إيفان للحراس بالإمساك بالأمير وقتله
وإلقاء جثته لكلاب القصر، وفي الأيام التالية أَمَرَ بالقبض على كل المقربين من
أندريا ونفيهم. أخذت الجرأة المباغتة بألباب البكوات وملأت قلوبَهم رعباً. هكذا
وبعد خمس سنوات من الانتظار والتخطيط وبخطوة واحدة خاطفة وجريئة استطاع إيفان أن
يؤمن سطوته لعدة عقود في الحكم، وقد عرفه التاريخ باسم إيفان الرهيب...
المصدر: THE 48 LAWS
OF POWER, ROBERT GREEN (ترجمة د. هشام الحناوي)
إقرأ أيضاً:
قصة سياسية: مُفَوَّض الحزب اعتقلني ثلاث مرات
قصة وحكمة: المشعوذ الدجّال طبيب الجبال
قصة وحكمة: الدجّال مسمر رائد المغناطيسية
قصة مثل: كنّا بواحد صرنا بثنين
للمزيد
معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق