حلم
كانت سارة تلعب بعرائسها عندما رفعت أمها سماعة الهاتف، وأدارت رقم صديقتها أخذت الأم تتحدث عن حلمها الذي رأته في الليلة السابقة، تذكرت سارة أنه مضى وقت طويل لم تر فيه أي حلم، وأنها إذا رأت حلمًا بالكاد تذكره، بل يُخَيَّلُ إليها أحيانًا أنها لم ترَ حتى حلمًا واحدًا.
عندما
أنهت الأم مكالمتها سألتها سارة: من أين تأتي الأحلام يا ماما؟
ضحكت
الأم وردت بسؤال سارة نفسه: من أين تأتي الأحلام يا ماما؟
-
حقا من أين تأتي الأحلام يا ماما؟!
علقت
أمها من جديد: حقا من أين تأتي الأحلام يا ماما؟!
-
لماذا تأتينا الأحلام يا ماما؟!
-
لماذا تأتينا الأحلام يا ماما؟!
تضايقت
سارة من تكرار أمها لأسئلتها وتهربها من الإجابة، فخرجت إلى حديقة المنزل، بدا
لسارة أنها لمحت خالها يسير عبر الشارع فنادته بصوت عال ليلتفت إليها، كان الخال
منشغلاً بتعديل هندامه وسلة الورد التي يحملها وقالت: ماذا تريدين يا سارة أنا في
عجلة من أمري؟
-
ولكن إلى أين تذهب بهذا الورد يا خالي؟
-
إنها لفتاة رأتني في السوق ذات يوم وشعرت بأنني أفضل
شخص رأته في حياتها هل تصدقين ذلك يا سارة؟! سأذهب لتراني. إلى اللقاء.
ابتسمت
سارة والتفتت إلى بيت الجيران كان جارهم (غضبان) دوماً غاضبًا متأففاً، وكان مجرد
رؤيته يذكر بالأشياء السيئة والأخطاء المقصودة وغير المقصودة، عندما رأى الجار
سارة، وقد جفلت لدى رؤيته خاطبها قائلاً: طفل الجيران الذي في أول الشارع خالف
أوامر أمه، ودسَّ يده في حقيبتها وسرق بعض النقود دون علمها سأذهب إليه، فضميره
لاشك الآن يؤنبه، لا تقلدي ما صنع يا سارة وإلا....إلى اللقاء!
هزت
سارة رأسها ولم تعلق بشيء وراقبته حتى اختفى عن عينيها ولمحت شخصًا آخر قادما في
الاتجاه نفسه عندما اقترب عرفته سارة أنه بائع الألعاب الجوال، أشارت له سارة أن
يتوقف لشراء بعض اللعب لكنه قال لها: ليس اليوم يا سارة هذه اللعب محجوزة لطفل
الخباز المريض في المستشفى، لقد وعده أبوه إذا تناول علاجه وتحسنت صحته فسيشتري له
كل اللعب التي معي... إلى اللقاء.
لوّحت
سارة للبائع بيديها وهي تتمنى الشفاء لابن البقال وقبل أن تبتعد عن سور الحديقة،
قفزت القطة السوداء التي كثيرًا ما ترتاد حيهم، ويتم طردها في كل مرة من قبل سكان
الحي شعرت سارة بالفزع من القطة التي كانت تحدق بعينيها، وابتعدت إلى الخلف، وما
أثار فزعها أكثر وأكثر أن القطة تحدثت إليها غاضبة: تلك المرأة الشريرة التي تسكن
في المنزل المقابل لكم امتلأت معدتها بالطعام دون أن تفكر بترك قطعة طعام دسمة
واحدة لي، سأذهب لأجلس على صدرها حتى تلهث أنفاسها! إلى اللقاء...
قفزت
القطة عن السور وتوجهت إلى المنزل المقابل جرت سارة مرتعبة نحو باب منزلها لكن قبل
أن تدخل خيل لها أن محرك سيارة والدها يدور بالرغم من أنها كانت متأكدة من أن
والدها لم يخرج بعد من المنزل، نظرت سارة إلى السيارة، فدهشت إذ رأت المقود يتحرك
وحده ثم انطلقت أضواء السيارة، وكأنها تغمز لها وهدر المحرك بصوت مزعج: البنت
(شيماء) التي تسكن في الحي الآخر ترغب باقتناء سيارة مثلي عندما تكبر، سأزورها
لتستمتع بقيادتي لا تخبري أباك عن ذهابي، إلى اللقاء.
فركت
سارة عينيها غير مصدقة وأسرعت لتخبر أباها بما حدث، لكنها عند الباب اصطدمت بأمها
وهي تحمل حقيبة سفر صغيرة، قبلتها أمها وقالت سأراك لاحقًا يا سارة، أنا ماضية
لزيارة أخيك الذي يدرس في الخارج لقد اشتاق إلي، إلى اللقاء...
تعلقت
سارة بيدي أمها وصاحت: أريد أن أذهب معك يا ماما، لكن أمها أفلتت يديها منها
واختفت عن ناظرها بسرعة.
جلست
سارة حزينة في الحديقة غير مبالية بأشعة الشمس الحارة، وتذكرت أنها غدا ستمتحن في
مادة الرياضيات، وبالرغم من أنها قد ذاكرت جيدًا، إلا أنها كانت قلقة بعض الشيء،
رفعت سارة رأسها وهي تشعر بأن شيئًا يحجب عنها أشعة الشمس وكم كانت دهشتها، إذ رأت
غيمة بيضاء صغيرة تشبه ندف القطن تهبط وتقترب منها حتى حانت قدميها، طلبت الغيمة
إلى سارة القفز والصعود عليها، خافت سارة ولم تتحرك من مكانها، لكن الغيمة كلمتها
من جديد: هيا يا سارة، انسي أمر امتحان الرياضيات، لقد ذاكرت جيدا وستنجحين، هيا
اصعدي لنذهب في رحلة جميلة تشبه الأحلام.
اعتلت
سارة الغيمة التي حلقت وسبحت في السماء عاليًا.
همست
سارة للغيمة: من أين تأتي الأحلام؟
ضحكت
الغيمة وردت: من أين تأتي الأحلام؟، قذفت الغيمة بسارة لغيمة أخرى قادمة من
الاتجاه الآخر، وبدورها تلك الغيمة دحرجت سارة إلى غيمة أخرى، وهكذا كانت سارة
تتدحرج من غيمة لأخرى حتى سقطت على فراشها، رن جرس المنبه فجأة، فزعت سارة وتدحرجت
من سريرها إلى الأرض، دعكت عينيها وتثاءبت: هل كنت أحلم؟!
لطيفة بطي
إقرأ أيضاً:
قصة وحكمة: لويس الرابع عشر انتصر بالانفتاح
للمزيد
معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية
المصدر: 1
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق