خاتم الذهب
رُزِق أبٌ وأمٌّ بِثلاث بنات جميلات، وكُنَّ عاملات مُجِدّات في خدمة بيتهنّ، وكَجزاء لهنّ أهداهُنَّ الأب والأمّ خاتَماً من الذهب لِكلّ واحدة منهنّ لِيتباهَين به أمام صديقاتهنّ، وذات يوم اجتمَعنَ مع صديقاتهنّ، وأخَذنَ يُفكّرنَ فيما سيعمَلْنَ هذا اليوم، فقالت إحداهنّ:
سوف نذهب إلى نبع الماء، وكان النبع يوجد في نواحي القرية. توجّهت البنت الصغرى التي كانت تُعاني من عرَجٍ بالرِّجْل اليمنى نحو أمّها، وطلبَت منها أن تَسْمَحَ لها بِمرافقة أخواتها وصديقاتهنّ إلى نبع الماء، فقالت لها الأمّ: لا يابْنتي، ماذا ستفعلين إذا ظهر لكُنّ صاحب الكيس وأنت عرجاء، ستكونين أوَّل من سيمسك بها.
لكنّ البنت أصَرَّت، وأمام إلحاحها سمحت لها الأمّ بمُرافقة البنات، وهكذا توجّهنَ نحو نبع الماء، حملت البنت الصغرى معها بعض ملابسها بِقصد غسلها، ولمّا شرَعت بذلك، أخرجت خاتَمها الذهبي ووَضعته فوق صخرة كانت قريبة مِنها، وبينما هنّ يمرحنَ ويلعبنَ لاحَ لهنّ من بعيد الرجل صاحب الكيس قادِمًا نحوهنّ، فصاحت إحداهنّ: هيّا أسرعنَ في الهروب، فصاحب الكيس قادم نحونا.
البنت الصغرى هربت بِدورها رغم عرجها، لكن تذَكَّرت أنّها نسيَت الخاتَم فوق الصخرة، فالتفتَت إلى الوراء، وعندما لاحظت أنّ صاحب الكيس توارى عن الأنظار، قرَّرت الرجوع للبحث عن الخاتَم، ولمّا وصلَت إلى موضع الصخرة لم تجد عليها الخاتَم، فأخدت تبحث حول الصخرة فربّما وقع هناك، وبعد حين مرّ أمام النّبع رجُل عجوز، فسألته البنت الصُّغرى: هل رأيت يا سيّدي خاتَماً ذهبيًّا؟
- نعم لقد وجدته، إنه داخِل ذاك الكيس خلف تلك الشجرة هناك.
دون تردُّد توجّهت البنت الصغرى نحو الموضع دون أن تُدرِك أن العجوز هو صاحب الكيس، وما إن دخلت البنت الصغرى وسط الكيس للبحث عن خاتَمها حتى أسرع العجوز وأطبق على الكيس، ووضعه خلف ظهره وتوجّه نحو قرية أخرى غير قرية البنت الصغرى، وفي الطريق، قال العجوز لِلبنت الصغرى: اِسمعي أيّتها الصغيرة، عندما أقول: «غَنِّ أيّها الكيس وإن لم تفعل سأصفَعك» انطلقي في الغناء داخل الكيس.
وهكذا كانا ينتقلان من قرية إلى قرية حيث يتجمّع الناس حول صاحب الكيس ويقول العجوز: «غَنِّ أيّها الكيس وإن لم تفعل سأصفَعك»، ومن داخل الكيس تبدأ البنت الصغرى في الغناء:
من أجل خاتَم ذهبّي
تركته على صخرتي
أنا داخل الكيس أبكي
أنتظر موتي
كان منظر الكيس وهو يُغنّي يثير فضول وإعجاب سكّان القرى فيمنحون العجوز أموالاً وطعامًا، إلى أن وصلا إلى منزل تعرفه البنت الصغرى، فأمر العجوز الكيس بالغناء، ومن داخل الكيس غنّت البنت الصغرى:
من أجل خاتَم ذهبي
تركته على صخرتي
أنا داخل الكيس أبكي
أنتظر موتي
فتعرّف أهل الدار على صوت البنت الصغرى، وجرَينَ لِإعلام أخواتها بالأمر، واقترحنَ على العجوز أن يقضي الليل في منزلهنّ، رحَّب صاحب الكيس بالفكرة، وبدأ يفكّر في مأدبة العشاء، وضعت البنات المائدة وعليها طعام شهِيّ، ولكن لم يضعنَ معه الماء، وكان العجوز يشعر بِعطش شديد، فقالت الأخت الكبرى: نعتذر عن عدم وضع قارورة ماء، فقد نفد لدينا، ولا نجرُؤُ على الخروج في هذه الساعة المتأخّرة لِجلبه من النبع، فهلّا تفضَّلت بإحضاره لنا يا سيّدي.
ولَمّا توجّه صاحب الكيس نحو النبَع، أسرعت البنات نحو الكيس، وأخرجنَ البنت الصغرى، وَوَضعْنَ مكانها كلبًا كبيرًا، رجع العجوز وتناول طعام العشاء، ونام على فِراش وثير، ومع الفجر حمل كيسه وودّع البنات، وشكرَهن على صنيعهن معه، وتوجّه إلى أقرب قرية، ولمّا حَلَّ بها تجمهر حوله أُناس القرية كالعادة، وصاح العجوز:
«غَنِّ أيّها الكيس وإن لم تفعل سأصفَعك»، لكن لا حياة لِمن تُنادي، كرَّر العجوز أمره للكيس، لكن لا شيء حدَث، فأخد الناس يضحكون ويتهامسون، فأخد العجوز يضرب الكيس بِرجلَيه وبقوّة، وما إن فتح الكيس حتى انقضّ عليه الكلب يعضُّه، وظنّ أصحاب القرية أن هذا العجوز جاء لِيتَهكّم عليهم، فأخدوا يرمونه بالحجارة، ففرّ صاحب الكيس مُهرولا إلى مسكنه حيث مازال يُعالِج، إلى هذه السّاعة، جروحه من أثر العضّ والحجارة.
المصدر: 1
مواضيع تهم الطلاب والمربين
والأهالي
إقرأ أيضاً
قصة
ملهمة: هيلين كيلر الطفلة والملاك
قصة
للأطفال: سامي وجعبول ومرش الماء
قصة
مخيبة: ذابت بفمه مثل السكر
للمزيد
معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7
مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على
المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل
المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن
شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة
شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث
عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات
وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات
وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق