السبت، 2 نوفمبر 2019

• قصة ملهمة: بائعة الخبز والأستاذ النبيل


كان أحدُ المعلمين يدرّس في منطقة "ريفى المناقل" في السودان في مدرسة للبنات فى الصف الثالث ابتدائي، وفي كل يوم كان يرى خارج غرفة الصف بجانب الشباك بنتاً جميلة مسكينة تبيع الخبز لتُعيل أسرتها.

كان الأستاذ يشرح للطالبات درساً في الرياضيات، وبائعة الخبز تتابعه من الخارج عبر الشباك، ثم سأل الأستاذ الطالبات سؤالاً صعباً وخصّص مكافأةً لمن يجيب على السؤال، ولم تجب أيٌّ من الطالبات، وتفاجأ ببائعة الخبز تؤشِّر بإصبعها من خارج الشباك وتصرخ: أستاذ أستاذ أستاذ، فأَذِن لها المدرّس بالإجابة... وكانت إجابتها صحيحة...!
منذ ذلك اليوم راهن عليها المعلم، فتكفّل برعايتها على نفقته، وأتفق مع مدير المدرسة على أن يتم تسجيلها كطالبة مستمعة وهي خارج الصف، لعدم قدرتها على تحمل مصاريف المدرسة، وأن يجعلها تبدأ من الصف الثالث، وأتفق مع جميع مدرسي المواد الأخرى على أن تظل الفتاة تستمع من الشباك إلى كل الدروس وهي خارج الصف، فأجمعوا على الموافقة على مغامرته، وأخبر هو والدتها بذلك.
وكانت المفاجأه عندما ظهرت نتائج الاختبارات، فقد كانت هي الأولى على المدرسة، وسارت على هذا النهج برعاية الأستاذ وإشرافه اليومي عليها إلى أن أوصلها إلى الصف الأول في المرحله الثانوية بمساعدة أحد إخوتها الذي كان يصرف عليها بعد أن كبر وعمل بعربة كارو لبيع الماء.
ثم ترك الأستاذ السودان للعمل في الخارج، وانقطعت صلته بها لقلة وسائل التواصل في ذلك الوقت... وبعد غياب إثني عشر عاماً عاد الأستاذ إلى السودان، وكان لديه زميل هناك، طلب زميله منه أن يرافقه لزيارة ابنه في كلية الطب في جامعة الخرطوم، ، وأثناء جلوسهم في كافتيريا الجامعة، تفاجأ بفتاة على قدر من الجمـال تُحدِّق فيه بشوق وقد تغيرت معالم وجهها، وهو لا يعلم لماذا تُحدِّق فيه بهذا التأثر...!
فسألَ ابنَ صاحبه إن كان يعرف هذه الفتاة، فأجابه: نعم بالطبع إنها بروفيسورة تُدَرِّس طلاب السنة السادسة في كلية الطب!
وفجأة وبدون مقدمات ركضت الفتاة نحوه وأحتضنته وعانقته وهي تبكي بحرقة بصوت لفت أنظار كل من كان في الكافتيريا، وظلت تحضنه لفترة من الزمن دون مراعاةٍ لأي اعتبار، وظن الجميع أنه والدها، وأجهشت بالبكاء حتى أُغمي عليها وتم إسعافها!
 وبعد فترة أفاقت من نوبة الإغماء وتمالكت أعصابها ونظرت إليه وقالت له: "ألا تذكرني يا أستاذي"...؟
"أنا البنت اللي كانت حطام إنسانة وحضرتك صنعت منها إنسانة ناجحة، أنا البنت اللي حضرتك كنت السبب في دخولها المدرسة وصرفت عليها من مالك حتى وصلت إلى ما وصلت اليه، وذلك بفضل الله ثم رعايتك واهتمامك وموقفك الإنساني الفريد، أنا ابنتك فلانة (بائعة الخبز)"...
ودَعَته ومن معه ومجموعة من الزملاء إلى منزلها وأخبرت أمها وإخوتها بالأستاذ الإنسان الذي وقف معهم وكان سبباً في تغيير مجرى حياتهم، واحتفلت به الأسرة احتفالاً كبيراً، وكانت مناسبة فرح كبيرة قال الأستاذ فيها: "لأول مرة أُحس أنني معلم وإنسان"...!


إقرأ أيضاً
للمزيد            
أيضاً وأيضاً







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق