طلبت
الأستاذة الأميركية المتخرجة من جامعة هارفارد من طلاّبها وطالباتها الذين تشرف عليهم تسليم
الواجب في مادة فيزياء المباني يوم الثلاثاء كما جرت العادة.
ولأنّ
تمارين مادّة فيزياء المباني (حساب كميات الحديد والإسمنت والأعمدة...) في تخصّص
مثل الهندسة المدنية لا يمكن حلّها إلاّ بالفهم وبشقّ النّفس والجهد، لم يستطع معظم
الطلبة الوفاء بتسليم الواجب في موعده، وقد استأذن هؤلاء من مشرفتهم بتأجيل
التقديم ليوم الأربعاء عوضًا عن الثلاثاء للسّهر على الواجب المعقّد، فوافقت المعلمة
بطيب خاطر لتفهّمها الظرف...
وكانت
المشرفة قد انتهجت نشر أجوبتها الصّحيحة ببرمجة «أتوماتيكية» تظهر بعد كلّ موعد
تسليم واجب في موقع للتّواصل بين المعلّمة والطّلبة على النّت، حتّى إذا انتهى
موعد المحاضرة اضطلع الطّلبة على الحلول.
وهذا
ما كان... لكن غاب عن بال المعلمة هذه المرّة تعديل البرمجة إلى اليوم التالي حيث
التسليم، فظهرت الحلول على النّت وسارع الطلاب إلى نقلها حرفيًا قبل أن تتنبه
المعلمة لذلك. وهكذا قدّم كثير من الطلبة واجباتهم بالحلول الصّحيحة، ولم يكن أمام
المعلّمة إلا أن تمنح الدّرجة الكاملة لمن أنجز الواجب كاملاً وصحيحًا.
ولأنّه
لم يخفَ على المشرفة ما جرى، فقد أرسلت إلى إحدى الطّالبات ممن توسّمت فيهن الصّراحة،
سؤالها الآتي: "أصدقيني القول يا فلانة، وأعرف أنك لن تخذليني في ذكر
الحقيقة، هل اطّلعت على أجوبتي قبل أن تحلّي مسائل واجبك"؟ فأدركت الطالبة أنها
قد تحامقت بما فيه الكفاية، فلا داعي للاستمرار في الكذب، فأجابت معلمتها بنعم.
وقد نقلت الأجوبة عن صديقتها التي ربما اطّلعت بدورها على الحلول. فكيف كان ردّ
فعل المعلّمة وتعليقها برأيك؟
أرسلت
المعلّمة المتخرجة من جامعة هارفارد ردّها للطالبة في إيميل، فحوى الكلام فيه كان
الثناء على الطالبة لصدقها المشرّف، واعتذار المعلمة من الطالبة لأنها «ضايقتها»
باستفسارها، ولأنها أصرّت من جانبها على تسليم الواجب الأسبوعيّ ولم تراعي ظروف
الطلبة مع الواجبات الأخرى. ثم أبلغتها باحترامها لها كإنسان بغض النّظر عن الموقف
والدّرجة، مع رجائها من الطالبة ألا تعتبر استفسار المعلمة منها كنوع من الحكم
عليها، فهي لم تسألها إلا لاعتقادها أنّ الطالبة ممّن تأتمنهم وتثق بهم في قول
الحقيقة.
هذا
ما كان من المعلمة. أمّا الطالبة فتقسم بالله أنها طوال سنوات عمرها العشرين لم
تشعر بهذا الخزي والإحساس بالحزن على نفسها الذي لطمها بعد قراءة الإيميل. وقد
شكرت الطالبة معلمتها على تعاملها الراقي، واحترامها لها على رغم ما صدر منها.
معترفة أنّ المبادئ والقيم لا تمتحن إلاّ في الأوقات الصّعبة. ومعها يعرف الإنسان
قوّته وثباته. ولذلك فهي مصمّمة على القيام بواجب إضافيّ لا طمعًا بالدّرجة، وإنّما
لاستعادة اعتزازها بنفسها الذي تلاعبت به وتهاونت بتساهلها.
لكن
المفاجأة الصادمة كانت حين أعلنت الأستاذة عن أسماء أصحاب الدّرجات الكاملة، وإذا
بهم جميعهم وبلا استثناء من العرب، بينما كلّ الطلبة الأجانب، ومن نتفنّن في
الحديث عن لا أخلاقيّاتهم، كانت درجاتهم ناقصة، فما قولكم بالنّتيجة؟
على
العموم، لم تنسَ المشرفة قبل انتهاء المحاضرة أن تعلن عن جبرها للدّرجات الناقصة
حتى تتساوى بالكاملة، مع شهادات بالتزكية تمنحها لجميع الطلبة الذين لم يطّلعوا
على الأجوبة، وهذا هو المنطق العادل.
ولكن...
أمِنَ المصادفة أنّ كلّ الذين غشّوا كانوا عربًا؟ الحكاية شارحة ومحلّلة نفسها. فهذه
هي تربيتنا وثقافتنا... ونحن بحاجة إلى تعديل هكذا تربية وثقافة!!!
تابعونا
على الفيس بوك
مواضيع تهم
الطلاب والمربين والأهالي
قصص للأطفال
وحكايات معبّرة
إقرأ أيضًا
قصة وعبرة: غنيّ... لكنه غبيّ
قصة ملهمة: نابليون يكاد يسقط عن فرسه
ماذا
تفعل لتسيطر على غضبك؟
قصة ملهمة: الفيل والكرة الخشبية
قصة غريبة: كيف يمكن للأعمى أن يقود أعمى!
قصة للأطفال: الدجاجات تحب الديك الملون
للمزيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق