أقام
المفوض السامي الفرنسي، أيام الاحتلال وليمة، ودعا إليها بعض وجهاء دمشق
ومشايخها، وكان بين المدعوين شيخ بلحية بيضاء
وعمامة بيضاء، رآه المفوض السامي يأكل بيديه، ولا يستخدم الشوكة والسكين، فامتعض
إلا أنه كظم غيظه، ثم سأله عبر ترجمان:
لماذا
لا تأكل مثلنا يا شيخي؟
قال
الشيخ: وهل تراني آكل بأنفي؟
قال
المفوض السامي: أقصد "لماذا لا تستخدم الشوكة
والسكين"؟
قال الشيخ:
أنا واثق من نظافة يدي، فهل أنت واثق من نظافة سكينك وشوكتك؟!
أفحم
الجواب المفوض السامي فأسكته، وشعر بالحرج من الحاضرين ومن زوجته التي كانت تجلس
إلى يمينه وابنته التي كانت تجلس إلى يساره، لكنه بيّت أن ينتقم من الشيخ بسبب جوابه
الفظ في نظره.
وبعد
قليل طلب المفوض السامي، شرابًا مسكرًا متحديًا الشيخ وتقاليد البلاد،
خاصة في مأدبة يحضرها رجال دين، فصب من الشراب لنفسه ولزوجته وابنته، وراح يشرب
على نحو يستفز الشيخ، وهنا قال له:
اسمع
يا شيخي، أراك تحب العنب وتأكله بشهية أليس كذلك؟
قال
الشيخ: نعم.
وعندئذ
قال المفوض مشيرًا إلى العنب: هذا الشراب من هذا العنب، فلماذا
تأكل العنب ولا تقرب الشراب؟
وشخصت
أنظار المدعوين جميعًا إلى الشيخ، لكنه ظل على ابتسامته التي لا تفارق
شفتيه، وقال موجهًا الكلام للمفوض السامي:
هذه
زوجتك وهذه ابنتك، وهذه من هذه، فلماذا أُحِلّتْ لك تلك،
وحرمت عليك هذه؟
ويقال
إن المفوض السامي الفرنسي أمر بعد ذلك مباشرة، برفع
الشراب عن المائدة في الحال...
إقرأ أيضًا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق