قصة وحكاية: • قصة وحكمة: حين تكون المساومة خسارةً لا مكسبًا

الأحد، 9 مارس 2025

• قصة وحكمة: حين تكون المساومة خسارةً لا مكسبًا

ثمن الكرامة

في حياة النبلاء وأصحاب الذوق الرفيع، لا يُقاس كل شيء بثمنه المادي فقط، بل بما يحمله من قيم ورموز تعكس أصالة مقتنيه وسموّ طباعه. وهذا ما تجلى في قصة أكيمونو سوزيموتو، رجل حفلات الشاي الثري، الذي لقّن خادمه درسًا بليغًا في معنى التقدير وأثر الكرامة في التعاملات.

عهد سوزيموتو إلى خادمه مبلغ مائة ريو لشراء وعاء شاي نفيس، محددًا تاجرًا بعينه. وعند وصول الخادم إلى التاجر ورؤية الوعاء، ساوره الشك في استحقاقه لهذا الثمن الباهظ، فشرع في المساومة حتى خفّض السعر إلى خمسة وتسعين ريو. بعد بضعة أيام، حين بدأ سوزيموتو باستخدام الوعاء، أسرّ إليه خادمه متباهياً بأنه وفّر خمسة ريو من ثمنه.

لكن ردّ السيد كان قاطعًا وحادًا: "أيها الجاهل! حين يبيع أحدهم وعاءً بثمن مائة ريو، فذلك يعني أنه يتخلى عن إرث عائلته في لحظة ضيق، وهو يأمل أن يجد من يقدّر قيمته ويدفع حتى أكثر من المطلوب، فكيف ينظر الناس إلى من يستغل حاجته ويفاوضه على تخفيض الثمن؟ ثم إن التحفة التي يحدد لها هذا السعر تحمل في جوهرها هيبةً لا تليق بها المساومة، فحين تكسر مائة الرِيو، تفقد الوعاء هالته وتجعله مبتذلاً."

غضب سوزيموتو وأمر بإبعاد الوعاء عن ناظريه، فأغلقه في خزانته ولم يستخدمه بعدها قط، ليكون شاهدًا على أن بعض المكاسب المادية الصغيرة قد تكون خسائر فادحة في ميزان الكرامة والسمعة.

قد يبدو التوفير غايةً في بعض المعاملات، لكنه قد يأتي بثمنٍ باهظ من حيث السمعة والتقدير. فالكرامة والرُّقيّ في التعاملات لا تُقاس بالنقود وحدها، بل بقدرتنا على احترام قيم الأشياء واحترام من نشتريها منهم.

المصدر: THE 48 LAWS OF POWER, ROBERT GREEN