قصة وحكاية: • قصة للأطفال: في ليلة شتوية

السبت، 17 فبراير 2024

• قصة للأطفال: في ليلة شتوية

جدتي

على لسعات ألسنة النار المتصاعدة من مًنقَل الفحم كنا نستدفئ. أمواج الهواء الباردة ترتطم بالجدران وشبابيك الغرفة الخشبية فتصدر أصواتاً مزعجة، تبدو لنا في بعض الأحيان وكأن لصوصاً يريدون اقتحام المكان، أو أشخاصاً لا مرئيين يريدون مشاركتنا جلستنا.

يسري شيء من القشعريرة في أبداننا نلتصق حول منقل الفحم فاردين أيدينا باعثين الدفء إلى أجسادنا من خلال الحرارة التي تتلقاها، استدارت جدتي نحو صندوقها تستخرج منه علبتها الفضية، كانت الغرفة تمتلئ برائحة الفحم والحطب، لحظات وألقت ببعض أعواد البخور إلى النار المتقدة، فعبق المكان برائحة طيبة، ثم باعدت ما بين ساقيها وجعلت المنقل بينهما، امتلأت ثيابها بالدخان المعطر وكان يتصاعد خيوطاً من ملابسها، عادت لمكانها وأحنت رأسها وبيديها حَرَّكَت خيوط الدخان المتصاعدة نحو لفحتها السوداء التي غطت بها بقايا شعرها الأحمر اثر الحناء الذي تضعه كل فترة.

دسسنا خلسة بعض الكستناء ما بين قطع الفحم، وأَهَلْنا عليها بالملقط بعض الجمرات المُتَّقِدَة، سألتنا جدتي: ما الذي وضعتموه في المنقل؟ - كانت تخشى أن يفسد ما وضعناه رائحة بخورها - أجبناها: كستناء!

- وما هذه الـ.. ك.. ما هذه أيا ما كان اسمها؟

- أبو فروة!

- كلها شيء واحد يا جدتي، عندما تتذوقينها ستعجبين بمذاقها.

تسربت رائحة الشواء فازدادت شهيتنا لالتهامه، تنشقت جدتي الرائحة وعَلَّقَت بعد أن تَنَهَّدَت - لا أحمل من رائحة الكمأة المشوي! - وأغمضت عينيها وكأنها تفسح المجال لأنفها ليركز إحساسه في رائحة تاريخية عابرة.

تك، تك، أعجزت تكتكات الكستناء المشوية استغراق جدتي في خيالها، وعندما استخرجنا الشواء وقشرناه قدمنا إحداها لها، لم تستطع مضغها كانت صلبة بعض الشيء فأعادتها بشيء من الحسرة: ماذا لو كانت كمأة!

لطيفة بطي

إقرأ أيضاً:

قصة للأطفال: الساعة المائية

قصة للأطفال: الفتاة الذكية واللص

قصة مُخَيِّبَة: الجولة الأخيرة لمصارع الثيران

قصة للأطفال: الفارس المُزيف

قصة للأطفال: أبو محمود بائع الحلوى

للمزيد

حدوثة قبل النوم قصص للأطفال

كيف تذاكر وتنجح وتتفوق

قصص قصيرة معبرة

قصص قصيرة معبرة 2