الثلاثاء، 16 يوليو 2019

• قصة مُخَيِّبَة: كاد المعلم أن يكون قتيلا


كنت أُدَرِّسُ مادة "العربي" للثانوي في دمشق، وكنتُ حديث السن وبعض الصفوف كنتُ أكبرَ طلبتها بثلاث سنوات أو أربع، وكان طلبةُ تلك المدرسة في معظمهم من الذين أمضوا سنتين أو ثلاثاً في الفصل الواحد.

وذات يوم رأيت طالباً "بشنب" -وكنت حليقه - يقتطع "لقمة" من رغيف الخبز، ويشرب جرعة من "القنينة" الكبيرة.. وكانت على ما بدا لي معبأة بالشوربة! وقلت للطالب في الفصل - قبل أن أحكي لهم عن المتنبي-: "عيب عليك يا فلان ضب رغيف الخبز والشوربة بالعدس"!
فقال ساخراً وكان طالباً كسولاً مستجداً: تفضل يا أستاذ، بالهنا والشفا. وقضم لقمة ثانية، وتجرّع من القنينة ما شاء! فما كان مني إلا أن اقتربت منه، ورجوته أن يُخفي هذه الأشياء "الممنوعة". فتعلّل بأنه لم يتناول فطوره المعتاد.
فما كان مني إلا أن صفعته..!
فاغتاظ محنقاً، وهجم علي يريد أن يضربني، فحال الطلبة بيني وبينه وحدث هرج ومرج، وقلت لهذا الطالب المستهتر بكل الأعراف والنواميس:
قم للمعلم وفه التبجيلا    كاد المعلم أن يكون رسولا!
وجاء المدير صاحب المدرسة الثانوية "الخاصة"! وطيّب خاطر الصبي المشاكس، واصطحبني إلى الإدارة حيث وجّه لي إنذاراً مع خصم ثلاثة أيام! وقال لي: لولا معزتك عندي لكنت طردتك!.
وآخر السنة تولّيتُ إصلاح الكراريس، وكان صاحبُنا من الراسبين! ولما قرأنا الأسماء "الناجحين والراسبين" في طابور الصباح، فرح الذين نجحوا وغضب الذين رسبوا! وكمنوا لي في آخر الدوام.. الراسبون معظمهم يركضون في إثري وأنا أجري بأقصى سرعة... وشُجَّ رأسي وتركت مهنة التعليم، وأنا أردد : كاد المعلم أن يكون قتيلا!
منذ فترة، دخل عليَّ في مكتبي بمجلة "النهضة" الساعي، وقدم لي بطاقة مذهبة فيها: عبدالرؤوف حسين دكتور في الأدب العربي!
وأَمرتُ بدخول هذا الشخص.. قلت له بعد الترحيب.. الآن لا توجد مناصب شاغرة ! وضحك عبدالرؤوف وهو يقول: إنني أعمل والحمد لله. عُدْ بذاكرتك سنين طويلة.. أتذكر الطالب المشاغب في الفصل.. الذي لحق بك ورفاقه للثأر منك؟ إنه.. أنا.. وصَفْعَتُكَ تلك صَنَعَتْنِي!...
عبدالله الشيتي

إقرأ أيضاً
للمزيد            

حدوثة قبل النوم قصص للأطفال

كيف تذاكر وتنجح وتتفوق

قصص قصيرة معبرة

معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب

قصص قصيرة مؤثرة

مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم

تربية الأبناء والطلاب

مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات

أيضاً وأيضاً








ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق