الثلاثاء، 9 سبتمبر 2025

• قصة حب: وفاء وخيانة في القصر المغلق


حقيقة

في قلب دبي النابض، حيث تتلاقى الأحلام بالواقع، عاش فرحان، شابٌ في ريعان شبابه، يبلغ الرابعة والعشرين، قوي البنية، صلب العزيمة، ومخلصٌ حد النخاع لشيخه، رجلٍ تجاوز الستين، كان له كالأب وكان هو له كالابن. فرحان، السائق والحارس والخادم الوفي، لم يرفع عينيه يومًا في وجه سيده، وكان كل أمرٍ منه قانونًا لا يُناقش. لكن القدر، بمكره الخفي، كان يُعِدّ فرحان اختبارًا سيُزلزل حياته.

في يومٍ مشمس، عاد الشيخ من رحلة إلى باكستان، ومعه فتاةٌ لا تتجاوز العشرين، متألقة كعروسٍ في ثوبٍ فاخر، كأنها نجمةٌ سقطت من سماء الحكايات. توقفت السيارة أمام قصر الشيخ، فهرع فرحان لفتح الباب، لكنه تجمّد حين رآها. ظنها قريبةً له، لكن الشيخ، بابتسامةٍ هادئة، قال: "فرحان، هذه زوجتي، سيدتك من اليوم". اهتزت الأرض تحت قدميه. زوجة؟ هي في عمر ابنته، بل في عمره هو! الفتاة، هانية، رفعت رأسها بغرورٍ وقالت ببرود: "من اليوم، أنتَ خادمي". أطرق فرحان رأسه بصمت، لكن قلبه كان مضطربًا، يتساءل: لماذا اختار الشيخ هذه الفتاة؟ هل ظلمها، أم أنها هي من اختارت هذا المصير؟

في اليوم التالي، كشف الشيخ عن سرٍ زاد من حيرة فرحان. قال إن هانيا هي من أحبته، وأصرت على الزواج به رغم فارق السن، بل هددت بالموت إن رفضها. الشيخ، الذي عاش عمره بلا حب، لم يستطع أن يحرمها من شغفها، فوافق. في الأيام الأولى، بدا الشيخ غارقًا في السعادة، يخرج مع زوجته، يضحكان في المطاعم الفاخرة، وكأن الزمن عاد به إلى الشباب. فرحان، من بعيد، كان يبتسم في قلبه، فرحًا بسعادة سيده. لكن سرعان ما بدأت الأقنعة تسقط.

هانيا لم تكن تلك الفتاة العاشقة. وجهها الحقيقي ظهر كالسم في العسل. صارت تصرخ على الخدم، تتسوق بشراهة، تشتري الذهب والثياب بلا حساب، وتعامل فرحانكعبدٍ تحمله أكياسها الثقيلة وتصيح إن تأخر لحظة: "لا تنسَ مكانك!" بدأ الشك يتسرب إلى قلب فرحان: هذه الفتاة لا تحب الشيخ، بل تحب ماله.

في ليلةٍ مظلمة، بينما كان فرحان يقود سيارة هانيا عائدًا من السوق، لاحظ سيارتين تلاحقانهما. قبض على مسدسه، وأمرها بالاختباء تحت المقعد. فجأة، قطعت سيارة طريقهما، واندفع منها رجالٌ مسلحون يهاجمون بلا رحمة. أطلق فرحان النار بلا تردد، بينما كانت هانيا تصرخ رعبًا. أصيب فرحان برصاصةٍ في ذراعه، لكنه تماسك، أدار السيارة بسرعة وفرّ بها. وصل القصر أخيرًا، حيث كان الشيخ ينتظر بقلق. ركضت هانيا إلى زوجها تبكي، لكن الشيخ هرع إلى فرحان، نظر إلى دمائه وصرخ: "يا ولدي، ماذا فعلوا بك؟" أجاب فرحان، رغم الألم: "أنا بخير، المهم أنكما بخير". في المستشفى، عولج جرح فرحان، وعاد بعد يومين إلى القصر، حيث استقبله الشيخ بامتنانٍ عميق: "ضحّيتَ بنفسك لتحمي زوجتي، لن أنسى هذا ما حييت".

لكن شيئًا غريبًا حدث. هانيا بدأت تعامل فرحان بلطفٍ مفاجئ، ترسل له الحساء، تزوره في غرفته، وتبتسم له بغرابة. الخدم تساءلوا: لماذا هي قاسية معهم ولطيفة مع فرحان؟ ذات يوم، جلست بجانبه في المقعد الأمامي للسيارة، ومدت يدها تمسك يده، قائلة: "فرحان، أحببتك". صُعق فرحان، سحب يده بغضبٍ وقال: "استغفري الله، أنتِ زوجة سيدي!" لكنها اقتربت أكثر، فصفعها بقوة، صارخًا: "كيف تجرئين على خيانة الشيخ؟ إن حاولتِ، سأقتلك بيدي!" نظرت إليه بحقد، ثم عادت إلى المقعد الخلفي صامتة.

في اليوم التالي، سافر الشيخ إلى باكستان، وكلف فرحان برعاية هانيا. لكنها بدأت تنتقم. أمرته بتنظيف القصر، وهو عملٌ ليس من مهامه، ثم طالبت أن ينام في غرفة الضيوف لحمايتها. رفض فرحان، فاتصلت بالشيخ، تبكي وتدعي الخوف. أمر الشيخ فرحان بالامتثال، فخضع بصمت. لكن عذابها تصاعد، تأمره كل ساعة بمهام تافهة، حتى جاءت ليلةٌ تجاوزت فيها كل الحدود. دخلت غرفته ليلاً، تقول: "أحبك، خذني، الشيخ لا يُشبع رغباتي". طردها فرحان بغضب، مهددًا بإخبار الشيخ.

عندما عاد الشيخ، توسلت هانيا إلى فرحان ألا يكشف أمرها، فوافق. لكن صحة الشيخ بدأت تتدهور، يضعف يومًا بعد يوم. أصر فرحان على نقله للطبيب، لكن الشيخ رفض. في إحدى الليالي، رأى فرحان هانيا تسكب مسحوقًا غريبًا في كوب حليب. تيقّن أنها تُسمِّم الشيخ. في اليوم التالي، قبض عليها متلبسة، وأمرها أن تشرب الكوب. ارتبكت، وقالت إنها مجرد حبوب لِـ "رغباتها". فرحان، مشمئزًا من وقاحتها، أفرغ الكوب، متهمًا إياها بمحاولة قتل الشيخ للاستيلاء على ماله.

فجأة، أخذته إلى غرفتها، ودفعته على السرير، ثم صرخت مدعية أنه حاول الاعتداء عليها، وضربت رأسها بالجدار لتدميه. هرع الشيخ، فاتهمت هانيا فرحان بالخيانة. لكن الشيخ، بحكمته، صفعه، ثم كشف الحقيقة: "كاميرات القصر كشفت كل شيء. علمتُ بطمعها منذ البداية، لكنني أردت إعطاءها فرصة. أنتَ، فرحان، لم تخن ثقتي أبدًا". أعلنَ طلاقها في الحال، فانهارت هانيا باكية. التفت الشيخ إلى فرحان، وقال بدموع: "فرحان، شرفك ووفاؤك لا يُشك فيهما".

غادرت هانيا القصر، تاركة خلفها قلب الشيخ المجروح، لكن إيمانه بفرحان ظل صلبًا كالجبال. فرحان، الذي تحمَّل الإهانات والاختبارات، خرج من التجربة أقوى، وفي قلبه يقين: الوفاء ليس مجرد واجب، بل هو درعٌ يحمي الروح من سهام الخيانة. في قصر الشيخ، عاد الهدوء، لكن الجدران لا تزال تهمس بحكاية الوفاء والطمع، حيث انتصر الحق، وانهزمت الأقنعة.

فيسبوك: https://www.facebook.com/ali.ramadan.206789

منصة أكس: https://x.com/AliRamadan54

جديدنا كتاب:

 100 قصة حب من كل زمان ومكان

  إقرأ أيضاً:

قصة وعبرة: فرصة نادرة

قصة وعبرة: حين يخبئ القدر وجهه الآخر

قصة ملهمة: متسوّل على رصيف المحطة

قصة وحكمة: الديك الأحمر والثعلب

قصة وحكمة: الأسد والضفدع

للمزيد            

حدوثة قبل النوم قصص للأطفال

كيف تذاكر وتنجح وتتفوق

قصص قصيرة معبرة

قصص قصيرة معبرة 2

معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب

قصص قصيرة مؤثرة

الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية

إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن

استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط

مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم

تربية الأبناء والطلاب

مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات

أيضاً وأيضاً 

قصص وحكايات

الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور

شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور

الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها

تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات

كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها

مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية

جديدنا كتاب:

 100 قصة حب من كل زمان ومكان

 

 

 





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق