خدعة
قبل إنزال الحلفاء جيوشهم في جبهة النورماندي، صمموا مخططاً متعدد الأوجه من أجل تضليل النازيين وخداعهم فيما يتعلق بتوقيت وموقع غزوهم المتوقع لأوروبا في سنة 1944. كانت هذه المراوغات تهدف إلى إبقاء العدو على جهالة بزمن وموقع الإنزال والغزو الحقيقي، وإقناعه بأن ذلك سيحدث في "با دو كالي"، وحمله على الاقتناع بعدم ضرورة نقل جيوشه من "با دو كالي" إلى النورماندي حيث سيجري الإنزال الفعلي.
أراد
الحلفاء تحقيق هذه الغاية من خلال إقناع العدو الألماني بأن إنزال النورماندي كان
عبارة عن إنزال مموّه من أجل تضليله وجعله ينقل جيوشه التي تحرس "با دو كالي"
إلى هناك ليفسح أمامهم المجال نحو غزوها، أي غزو "با دو كالي".
كان
من بين المكونات الرئيسية لمخطط المراوغة والخداع هذا هو عملية "فورتيتود
ساوث"، التي خلقت «فوج الجيش الأمريكي الأول» المزيف وتموقعه في الجنوب
الشرقي لإنجلترا في مواجهة "با دو كالي" على الضفة الأخرى للبحر تحت
قيادة الجنرال "جورج باتون". تمكنت مخابرات الحلفاء من بيع هذه المعلومة
المزيفة والمضللة للاستخبارات الألمانية التي تفيد بوجود جيش أمريكي يتحضر لغزو "با
دو كالي"، ونفذت ذلك من خلال مراسلة راديو مزيفة هي الأخرى بين وحدات «فوج
الجيش الأمريكي الأول» المزيف.
نجحت
العملية كذلك عندما سمح الحلفاء عمداً لوحدات الاستطلاع الجوية الألمانية بالطيران
فوق الموقع لتصوير الجيش الأمريكي بكل تجهيزاته التي كانت عبارة عن دمى منفوخة
متنوعة بين دبابات ومدرعات وآليات وغير ذلك، وكذا من خلال إمداد المخابرات
الألمانية بتقارير مزيفة ومفبركة عبر عملاء مزدوجين حول نوايا «فوج الجيش الأمريكي
الأول» المزيف في غزو "با دو كالي".
خلقت
عملية مراوغة أخرى أطلق عليها اسم "فورتيتود نورث" ما أطلق عليه اسم
«الجيش البريطاني الرابع» المزيف هو الآخر في إسكتلندا، وأقنعت الألمان بأنه كان
يخطط لغزو النرويج من أجل تضييق الخناق على الكتائب الألمانية المتواجدة هناك.
بعد
يوم الإنزال الفعلي في النورماندي، تمكنت مخططات الحلفاء بنجاح من الإبقاء على
الألمان في مواقعهم السابقة وعدم نقلهم كامل وحدات جيوشهم من "با دو كالي"
من أجل خوض هجوم مضاد على جبهة النورماندي، فاقتنعوا بأن إنزال النورماندي لم يكن
الحدث الرئيسي، بل حدثا أولا من مجموعة إنزالات ستليه نحو "با دو كالي"
والنرويج.
تم
تضليل القيادة العليا الألمانية وجعلها تعتقد بأن الهجوم كان فرعياً أو مضللاً،
ومنه جعلوها تبقي على وحداتها الأكثر تعداداً وتجهيزاً في مواقع الإنزال المحتملة
التي سطرتها سابقا بناء على معلومات استخباراتية مغلوطة، بشكل أساسي في "با
دو كالي" التي كانت تحت التهديد المزعوم لـ«فوج الجيش الأمريكي الأول» المزيف
تحت قيادة الجنرال "باتون"، بدلاً من إرسالها لتعزيز قوات الدفاع عن
جبهة النورماندي.
نجحت
الخدعة وفاق نجاحها آمال الحلفاء بأشواط، كان الحلفاء يأملون في إقناع الألمان
بالبقاء في "با دو كالي" لمدة أسبوعين على الأكثر بعد إنزال النورماندي،
بدلاً من إرسال التعزيزات فوراً لدعم الجبهة، وبدلاً من ذلك، انطلت الحيلة عليهم
بنجاح لدرجة أنهم بقوا في مواقعهم السابقة لمدة سبعة أسابيع وليس أسبوعين فقط.
سمحتْ
هذه النافذة الزمنية الطويلة للحلفاء بإعادة تنظيم صفوفهم واستجماع قواهم ومنحتهم
الوقت الكافي لتعزيز تواجدهم العسكري في النورماندي ليس فقط للصمود أمام الهجومات
المضادة الألمانية، بل للانتشار من النورماندي في شهر يوليو نحو فرنسا كلها بسرعة
كبيرة، ومنه نجحوا في تحرير فرنسا بشكل كامل بحلول شهر سبتمبر، فوصلت جيوش الحلفاء
إلى حدود ألمانيا حيث توقفت هناك بعد أن نفذ منها الوقود.
مواضيع تهم الطلاب والمربين
والأهالي
إقرأ أيضاً
قصة مشاهير: سقراط يتجرع
كأس السم
نوادر العرب: ابن الملك
وابنة راعي الغنم
قصة مشاهير: آينشتاين
يُخرج لسانه للصحفيين
قصة مشاهير:
تشرشل وهيبة القضاء البريطاني
للمزيد
معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7
مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على
المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل
المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن
شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة
شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث
عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات
وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات
وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
مسلسلات: نقد وتحليل
مسلسلات عربية وتركية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق