الحمار أقدم أصدقاء الإنسان، ولا ينافسه في ذلك سوى الكلب، وهو -
حينما يهتم به صاحبه ويزهو- تنتابه الكبرياء الواضحة، فيتراجع رأسه إلى الخلف
وتبدو في عيونه مسحة الحكمة التي كثيراً ما نراها في وجوه العسكرية الفاشلة...
وإن كان الحمار أكثر بروزاً في التاريخ، وتمثل تصرفات الحمار معظم
التراث المرح في مختلف أركان العالم، وأكثر الحمير التاريخية شهرة: حمار جحا،
وأكثرها غموضاً حمار الحاكم بأمر الله الفاطمي، الذي خرج بصاحبه - الحاكم - إلى
حلوان وعاد بدونه إلى القاهرة، فلما طال قلق الرعية بحثوا عن الحاكم فوجدوا ملابسه
مدماة وممزقة عند عين حلوان، ولا يزال للحاكم أتباع ينتظرون عودته إلى اليوم...
وأشهر حمار أدبي في العالم هو الخاص بالإسباني خوان رامون فيمينيث
(نوبل 1956) في مؤلفه (حماري وأنا)، وأشهر حمار أدبي عربي هو الخاص بتوفيق الحكيم،
ثم هناك الحمار الكاريكاتيري الشهير الذي صاغه الرسام عبدالمنعم رخا (حمار أفندي)،
والحمار الأخطر - صاحب الحق الضائع - هو الذي حمل السيدة العذراء وابنها السيد
المسيح وهو طفل، ومعهما يوسف النجار، كي يخترقوا الحواجز والفلوات من الناصرة الفلسطينية
إلى داخل صعيد مصر هرباً من اليهود، حيث تركوا آثاراً ذات شأن في المطرية (شجرة
مريم) وأسيوط (الدير المحرق - جبل العذراء).
وظل الحمار يغطي الجهد الإنساني لصنع الحضارة في الجر والنقل والركوب
والحرث والري والسياسة والثقافة، وعندما أمتلك ثروة - أي في القريب العاجل - فسوف
أصدر صحيفة يومية اسمها (الحمار) ويكون لها ملحق أسبوعي في الفن (الحمار المخطط)،
وملحق شهري يختص بشئون الفكر فقط (الجحش)، ذلك لأن الحمار صبور هادئ رزين يرى من
الأمور أكثر مما تراه المباحث والمخابرات والأقمار الصناعية والمصادر المطلعة...
ويختلف الحمار عن كثير من السياسيين في قدرته التلقائية على
الترحيب الصاخب عندما يرى أنثى من نوعه، ويطلق عليها اللغويون "الأتان"
وقد وردت كثيراً في أشعار أدباء الهجاء وبخاصة جرير والفرزدق، وصوت الحمار -
النهيق - هو أنكر أصوات المخلوقات كافة (الخنزير يطلق صوتاً كريهاً) وقد خرج صوت
الحمار على القياس الأوبرالي فلا تجد له في علوم الصوتيات (لغة أو موسيقى) مثيلاً،
صوت عريض لا يدانيه في ذلك إلا ذكاء الحمار نفسه فهو ذكاء عريض مستقر لا يخضع
لنوبات التجديد أو الابتكار أو الإبداع، يجعل تصرفاته محدودة مرتبطة ارتباطاً
يقينيا بوجود صاحبه كارتباط التنظيمات الشعبية بزعمائها، وموظفي الحكومة بمكاتبهم
حينما يعجزون عن الخروج عما ألفوه واعتادوه، وليس في وصف أحدهم بأنه حمار أي سب أو
شتيمة أو مجاز.
محمد مستجاب
تابعونا على الفيس بوك
مواضيع تهم الطلاب والمربين والأهالي
قصص للأطفال وحكايات معبّرة
إقرأ أيضًا
للمزيد
حدوثة
قبل النوم قصص للأطفال
كيف
تذاكر وتنجح وتتفوق
قصص
قصيرة معبرة
معالجة
المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب
قصص
قصيرة مؤثرة
مراهقون:
مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم
تربية
الأبناء والطلاب
مواضيع
حول
التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضًا وأيضًا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق