سمير
استلقى
سميرٌ على سريرهِ، ثم طلب من أمّهِ أن تروي له حكايةً.
ابتسمت
الأمُّ، وقالت وهي تتناولُ كتاباً مصوراً من مكتبةٍ صغيرةٍ بجانبِ السريرِ:
- أيُّ قصة تريد؟
قال
سميرٌ وهو يشيرُ إلى المكتبةِ:
-
لقد قرأت هذه القصص، وحفظتُها، أريدُ حكايةً جديدةً،،
لم أسمعها من قبلٍ.
صمتت
الأمُّ قليلاً، ثم أخذت تتذكرُ الحكايات التي روتها لها أمُّها عندما كانت صغيرةً،
ثم قالت:
-
سأحكي لك.. عن مدينةٍ ترابها من ذهبٍ، وأحجارُها من
الجواهرِ.
قال
سمير بلا اهتمام:
-
إذا كان الذهبُ والجواهرُ مثل الترابِ والحجارةِ، فلن
يبقى لهذه الأشياءِ قيمة، لأنها ستكون فائضة عن الحاجةِ.
وجدت
الأم أن ما يقوله ابنُها مُقْنِعٌ، فقالت:
-
سأروي حكايةً.. حوريةِ البحرِ التي نصفها إنسانٌ،
ونصفُها الآخر سمكةٌ.
قال
سميرٌ بمللٍ:
-
كم أشعر بالحزنِ على حورياتِ البحر، فهنّ لسنَ من
البشرِ، ولا يُحسبن من الأسماكِ.
سألت
الأمُّ ولدَها، وهي تمسحُ بيدها على رأسِهِ.
-
ما رأيك بحكايةِ الطائرِ الذي يتكلم كالإنسان؟
قال
سميرٌ بضجرٍ:
-
لا أريدُ سماعَ حكاياتِ الحيواناتِ المتكلمةِ، فهي
غيرُ مُسَلِّيَة.
صمتت
الأمُّ، فلم يعد لديْها ما تقوله.
عندئذٍ
اقتربَ الأبُّ من ولدِهِ، وهو يقولُ:
-
حسناً.. سأروي لك حكاية القرصان الشرير.
قال
سميرُ بكسلٍ:
-
كلُّ القراصنةِ أشرار، أيّ قرصان تقصد؟
قال
الأبُ باسماً:
-
القرصانُ الذي يريدُ الاستيلاءُ على الكنز.
حكَّ
سميرٌ رأسه، ثم قال:
-
كلُّ القراصنة يريدون الاستيلاءَ على الكنوزِ، وهذا
شيءٌ يدعو للضجرِ.
قال
الأبُ، وهو يشيرُ بيديهِ عالياً:
-
سأروي لك حكاية البدوي الذي وجدَ حُفَراً كبيرةً في
الصحراءِ، فتعقبَّها، فوجدَ أنها دعساتُ الماردِ العملاقِ.
قال
سميرٌ وهو يتمطّى:
-
لا أحبُّ الحكاياتِ التي تتحدثُّ عن العمالقةِ،
فالعمالقة كائناتٌ غير حقيقية.
قال
الأبٌّ بحماسةٍ:
-
لقد عرفتُ ما تُريد.. سأقصُّ عليكَ حكاية المغامر
الشجاع الذي هزَمَ اللصوصَ.
قال
سميرٌ وهو يتثاءبُ:
-
مادامَ شجاعاً فسينتصر حتماً، أي ليس ثمةَ شيءٌ مثيرٌ.
فقال
الأبُ:
-
غداً سأذهبُ إلى المكتبةِ، وأشتري لك قصصاً جديدةً.
قال
سميرٌ بخيبةٍ:
-
أي أنك لن تروي لي حكايةً هذه الليلةِ؟!
قال
الأبُّ وهو يرفعُ حاجبيه:
-
بصراحةٍ.. ليس لديَّ حكاية تناسبك.
خطرت
في بال الأمُّ فكرةً جديدةً، فقالت لسمير:
مادامت
الحكاياتُ التي لدينا لم تُعجبك، فاروِ لنا قصةً تحبُّها.
تأمَّل
سميرٌ مفكراً، ثم قال بسرعةٍ:
-
في قديمِ الزمانِ، كانت هناك مدينةٌ عجيبةٌ، ترابُها
من ذهبٍ، وأحجارُها من الجواهرِ.
وقد
سمعَ اللصوصُ بهذه المدينةِ، فأرادوا سرقتها، ولكنهم فشلوا، فقد تصدّى لهم
المغامرُ الشجاعُ، وهزمهم، فذهب اللصوصُ إلى القرصانِ الشريرِ، وطلبوا منه مؤازرتهم
في سرقةِ المدينةِ العجيبةِ، على أن يتقاسموا ما يسرقونه. وكانت حوريةُ البحرِ
قريبةً من سفينةِ القراصنةِ، فسمعت ما دارَ بين القراصنة واللصوص، فطلبت من
الطائرِ المتكلمِ أن يحذّر سكان المدينةِ من الأخطارِ.
وعندما
سمع سكانُ المدينةِ العجيبةِ بهذا الهجومِ الكبيرِ طلبوا عونَ الماردِ، فساعدهم،
وهزمَ الأشرارَ، ثم عاشت المدينةُ بسعادةٍ.
عندئذٍ
تبادلَ الأبُّ والأمُّ النظراتِ، وضحكا كثيراً.
أدرك
سميرٌ أن سبب ضحكهما يعودُ إلى أنه جمع كل الحكاياتِ التي سمعها ولم تعجبه، في
قصةٍ واحدةٍ وجدها رائعةً، فاستلقى على السريرِ، وأغمضَ عينيه، متظاهراً بالنومِ.
سامر
أنور الشمالي
المصدر: 1
مواضيع تهم الطلاب والمربين
والأهالي
إقرأ أيضاً
قصة للأطفال: عُدنا
والْعَوْدُ أحمد
قصة للأطفال: اليوم الأول
في المدرسة
قصة للأطفال: عملٌ يضمن لك
رضا الله
للمزيد
معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7
مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على
المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل
المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن
شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة شعراء
عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث
عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات
وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات
وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق