قصة وحكاية: • قصة مُخَيِّبَة: ثَروَةٌ ضائِعَةٌ

أَحلامٌ مُؤَجَّلَةٌ

منذُ نُعُومَةِ أَظْفَارِهِ، كَانَ "أَنُورُ" يَحْلُمُ بِأَنْ يَغْدُوَ ثَرِيًّا، وَكَانَ هَذَا الطُّمُوحُ مَحْفُورًا فِي قَلْبِهِ وَعَقْلِهِ. لَمْ يُكْمِلْ دِرَاسَتَهُ المَدْرَسِيَّةَ، بَلْ فَضَّلَ أَنْ يَتْرُكَ مَقَاعِدَ العِلْمِ لِيَخُوضَ غِمَارَ التِّجَارَةِ. وَهَكَذَا بَدَأَ مَشْوَارَهُ الطَّوِيلَ مَعَ الزَّمَنِ، يُطَارِدُ أَحْلَامَ الثَّرَاءِ بِعَزيمَةٍ وصَبْرٍ وإصْرارٍ.

كَانَتْ سَاعَاتُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ تَمُرُّ عَلَيْهِ مُسْرِعَةً، فَيَغْرَقُ فِي جَمْعِ الأَمْوَالِ وَيَنْسَى نَفْسَهُ بَيْنَ طَيَّاتِ العَمَلِ المُضْنِي. وَفِي كُلِّ مَرَّةٍ كَانَ يَمُرُّ بِالقُرْبِ مِنَ المَطَاعِمِ، كَانَتْ رَائِحَةُ المَشَاوِي تَعْبُقُ فِي أَنْفِهِ وَتُثِيرُ شَهِيَّتَهُ، وَلَكِنَّهُ كَانَ يَضْبِطُ نَفْسَهُ عَنِ الإِنْفَاقِ عَلَى مَلَذَّاتٍ زَائِلَةٍ. وَكَانَ أُسْلُوبُ حَيَاتِهِ هَذَا شَامِلًا؛ فَقَدْ حَرَمَ نَفْسَهُ مِنَ اللِّبَاسِ الأَنِيقِ، وَالمَأْوَى الفَاخِرِ، وَمِنْ مُتْعَةِ الزَّوَاجِ، وَحَتَّى مِنْ رَفَاهِيَةِ قِيَادَةِ السَّيَّارَاتِ الفَارِهَةِ.

بِالمُثَابَرَةِ وَالاجْتِهَادِ، اسْتَطَاعَ أَنورُ تَحْقِيقَ حُلْمِهِ؛ فَجَمَعَ ثَرْوَةً كَبِيرَةً وَصَارَ مِنَ الأَثْرِيَاءِ البَارِزِينَ فِي البِلَادِ. وَحِينَذَاكَ، قَرَّرَ أَنْ يَعِيشَ حَيَاةً جَدِيدَةً، يَتَمَتَّعُ فِيهَا بِالمَلَذَّاتِ الَّتِي حَرَمَ نَفْسَهُ مِنْهَا، وَأَنْ يُكَوِّنَ أُسْرَةً وَيُنْجِبَ الأَبْنَاءَ الَّذِينَ لَطَالَمَا تَمَنَّاهُمْ.

وَلَكِنْ، وَقَبْلَ أَنْ يَشْرَعَ فِي مُغَامَرَتِهِ الجَدِيدَةِ، ذَهَبَ إِلَى الطَّبِيبِ لِيُجْرِيَ فَحْصًا شَامِلًا لِيَطْمَئِنَّ عَلَى صِحَّتِهِ. وَهُنَا كَانَتِ الفَاجِعَةُ! أَثْبَتَتِ التَّحَالِيلُ الطِّبِّيَّةُ أَنَّهُ مُصَابٌ بِعِدَّةِ أَمْرَاضٍ؛ فَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ أَكْلِ الحَلْوِيَّاتِ وَاللُّحُومِ وَالدَّسَمِ، وَيُعَانِي مِنْ مَشَاكِلَ فِي القَلْبِ تَحُولُ دُونَ زَوَاجِهِ، كَمَا أَنَّ بَصَرَهُ الضَّعِيفَ يَمْنَعُهُ مِنْ قِيَادَةِ السَّيَّارَاتِ. وَالكَثِيرِ مِنَ الأُمُورِ الأُخْرَى الَّتِي لَا تُحْصَى وَلَا تُعَدُّ.

عَادَ أَنُورُ إِلَى مَنْزِلِهِ مُثْقَلًا بِالهُمُومِ، يَنْظُرُ إِلَى خَزَائِنِهِ المَلِيئَةِ بِرُزَمِ العُمْلَاتِ، وَيَسْتَرْجِعُ فِي ذِهْنِهِ كُلَّ لَحْظَةٍ قَضَاهَا فِي سَبِيلِ تَحْقِيقِ حُلْمِهِ. وَلَكِنَّهُ الآنَ يُضِيفُ إِلَى تِلْكَ الرُّزَمِ وَصَفَاتِ الأَطِبَّاءِ العَدِيدَةَ الَّتِي لَا يَبْدُو أَنَّهَا سَتَنْتَهِي قَرِيبًا، وَيَنْدُبُ حَظَّهُ العَاثِرَ الَّذِي مَنَعَهُ مِنَ التَّمَتُّعِ بِثَرْوَتِهِ بَعْدَمَا بَذَلَ فِي جَمْعِهَا جُلَّ حَيَاتِهِ.

إقرأ أيضاً:

قصة للأطفال: الزرافة والأسد

قصة للأطفال: حكاية الجد: أسرار الكون والحياة

قصة وحكمة: هيلا سيلاسي يرتدي قناع الوقار

قصة للأطفال: الإمبراطور والخياطان المحتالان

قصة للأطفال: رضى الجدات (بائعة الكبريت)

للمزيد

حدوثة قبل النوم قصص للأطفال

كيف تذاكر وتنجح وتتفوق

قصص قصيرة معبرة

قصص قصيرة معبرة 2

معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب