الصفحات

الثلاثاء، 12 أغسطس 2014

• نوادر العرب: الأمانة.. من يحكم القبيلة؟

يُحْكَى أنّه كان في إحدى القبائل رجل يُعرفُ بالفهمِ والإدراكِ والرأي السديد، وكانَ هو زعيم القبيلة وشَيْخها، وعندما كبر وتقدّم به العمر، أصابه الوهنُ والضَّعف، وكثرتْ أمراضُه، واشتدّ به الداءُ...

وشعر ذات يوم بأنَّ أيامه باتت قليلة، فدعا إليه ابنه وأخاه وأفراد عائلته، وكان ابنُه حدثاً صغيراً لم يبلغ بعد مبلغ الرجال، فأوصى الرجلُ أخاه قائلاً: تسلّم الآن يا أخي أمور القبيلة، وعندما يبلغ ابني هذا سنّ الرجولة، أعد إليه مقاليد حكم القبيلة، وكن عوناً له وسنداً حتى يشتدّ عوده وتستقرَّ له الأمور.
ومرّت الأيام وتوفِّي ذلك الرجل وتسلّم أخوه مقاليد الحكم مكانه، وأصبح شيخاً على قبيلته، ومرت أعوامٌ وأعوام كبر خلالها ذلك الفتى وأصبح رجلاً بالغاً عاقلاً، وانتظر من عمّه أن يعيد إليه الأمانة، وهي حكم القبيلة كما أوصى والده بها قبل وفاته، ولكن عمّه لم يفعل شيئاً من ذلك، وكأنه نسي الأمر تماماً.
فقال الشابّ في نفسه: والله لأسألنّه عنها، فماذا ينتظر مني، ومتى سيعيدها إليّ، ألم أصبح رجلاً في نظره حتى الآن؟
وجاء ذات يوم لعمّه وقال له: ألا تَذْكُر يا عمّ بأن أبي ترك لي أمانة عندك؟
فقال العمّ: بلى أذكر.
فقال الشابّ: وماذا يمنعك إذن من إعادتها إليّ؟ 
ابتسم العمّ وقال لابن أخيه بهدوء: لا أعيدها لك، إلا إذا أجبتني عن أسئلةٍ ثلاثة.

فقال الشابّ: سلْ ما تشاء يا عمّ.
فقال العمّ: إذا جاءك رجلان يختصمان إليك، وأنت شيخ للقبيلة، وطلبا منك أن تحكم بينهما، وكان أحدهما رجلاً جواداً طيّباً، والرجل الآخر حقيرٌ وسفيه، فكيف تحكم بينهما؟ 
فقال الشابّ: آخذ من حقّ الرجل الطيّب، وأضع على حقّ الرجل الحقير حتى يرضى، وبذلك أحكم بينهما.
فقال العمّ: وإذا جاءك حقيران يختصمان إليك، فكيف تحكم بينهما؟
فقال الشابّ: أدفع لهما من جَيْبِي حتى يرضى الطرفان، وبذلك أنهي ما بينهما من خصومة وأُزيل ما بينهما من خلاف.
فقال العمّ: وإذا جاءك رجلان طيبان يختصمان إليك، فكيف تحكم بينهما؟
فقال الشابّ: مثل هؤلاء لا يأتيان إليّ، لأنه لو حدثت بينهما بعض المشاكل فإنهما يتوصَّلان إلى حلٍّ لها، دون اللجوء إلى طرفٍ ثالث ليتدخل في أمورهما.
فقال العمّ: الآن ثبتَ لديّ بأنك تستحق تلك الأمانة عن جدارة، لما لمسته فيك من الحكمة والفطنة والعقل، وأنت من الآن ستصبح شيخاً للقبيلة، وفقّك الله يا ابني لما فيه الخير، وجعلك خادماً أميناً لأهلك وقبيلتك.
وأعاد العم زمام الأمور لابن أخيه الذي أصبح شيخاً على قبيلته خلفاً لأبيه بعد أن أثبت بأنه بحلمه وحكمته وزينة عقله يستطيع أن يوفّق بين جميع الأطراف، ويُرضي بعدلِه القاصي والداني منهم.
 تابعونا على الفيس بوك
مواضيع تهم الطلاب والمربين والأهالي
قصص للأطفال وحكايات معبّرة
إقرأ أيضًا

 

للمزيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق