كان قلب بشّار
يخفق بقوة. تثاءب من شدّة النّعاس ثمّ تقلّب في سريره محاولاً أن يبقى
مُستيقظًا. ماذا لو غفا وخرج الوحش من تحت سريره؟ شعر بالحرّ وبدأ العرق
ينزل على خدّيه، وبعد ذلك شعر بالبرد الشديد وأخذ جسمه يرجف. سحب الغطاء الصوفي
ليغطّي كتفيه ورأسه وبدأت أسنانه تصطكّ كلك كلك كلك كلك. كأنّه سمع حركة تحت
سريره. تخيّل أن الوحش سيخرج بين لحظة وأخرى. أخرج رأسه بحذر من تحت الغطاء،
وحدّق جيّدًا بطرف سريره. كان ضوء المصباح خفيفًا فضغط زره لينيره أكثر وصرخ
بكل قوّته: ماما! بابا!
وفي لحظات
اقتحم والداه غرفته وأشعلا الضوء القوي.
سألته والدته
بقلق: ماذا حصل؟
عانقته وهي
تتفحصه ثم سأله والده: هل تشعر بالألم يا حبيبي؟
قال بشّار
بصوت يرجف: يوجد وحش تحت سريري.. إنه يُفزعني.
ابتسم والده
وقال: أنت قوي وشجاع ولا يوجد وحوش إطلاقًا. تعال وتأكّد بنفسك. أمسك بشّار يد
أمّه ومعاً تفحّصا ما تحت السرير بينما أطلّ والده برأسه في الجهة الأخرى من
السرير وقال بمرح: مرحبًا بشّار أنا «أبو بشّار». ثم قالت له والدته: أريدك أن
تفكّر في شيء جميل حتّى تنام براحة وتنصرف فكرة الوحش من خيالك. فكِّر في حفلة
المدرسة اليوم وكم صفّق لك الجميع عندما قمت بدورك في المسرحية.
انصرف والداه
من غرفته. أغمض بشّار عينيه ولم يقدر أن يفكر في شيء جميل بل أخذ يتخيّل شكل
الوحش.. فكّر أن للوحش أربع عيون أو ربما أكثر، وعشر أذرع قصيرة وربما أطول، وأنفاً
عريضاً وذنباً أخضر. صار قلبه يخبط في صدره أقوى وأقوى فقال وهو يكاد يبكي:
ماذا يحدث تحت سريري؟ كأنه يسمع الوحش يتنفس. بدأ يبكي بصمت وبعد لحظات صار يبكي
بصوت قوي فالوحش بدأ يخرج رويدًا رويدأً من تحت سريره.
وفجأة !
جاءت النجدة.
دخل والده الغرفة وهو يمسك بيده فيلم فيديو. شعر بشّار بارتياح شديد. قال له والده
بلطف شديد: لقد عرفت سبب خوفك. عرفت أنّك شاهدّت اليوم فيلم الفيديو هذا،
وهو عن الوحوش ورحت تفكّر فيها. الأفلام يا بشّار يخترعها كاتب القصة كما اخترعت
أنت قصّة عن ضفدع يريد أن يقفز إلى الغيوم. صاح بشّار بارتياح وقد اكتشف الآن
أمرًا مهمًا: الفيلم غير حقيقي! تابع والده: طبعًا وأريدك ياحبيبي أن
تفهم أنك تخيّلت شكل الوحش ووضعته تحت سريرك لأن الوقت ليل ولا ترى ما يوجد
تحت سريرك. هيا اغمض عينيك الآن. أغمض بشّار عينيه وتابع والده: تخيّل أننا على
كورنيش البحر والطقس جميل وأنت تركب درّاجتك والبحر هادئ وأنا وأمك نأكل الكعك.
أخذ بشّار
يتخيل نفسه على دراجته عند كورنيش البحر والطريق أمامه مفتوح. سأله والده: هل تشعر
بالفرح عندما تكون على الكورنيش؟
ابتسم بشّار
وهز رأسه موافقًا. فتح عينيه وقال بفرح: متى سنذهب إلى كورنيش البحر؟ أجابه والده:
في العطلة القادمة. وتابع: والآن وقد فهمت أنّك صنعت صورة للوحش هيّا لتتخلّص منّه
يا بطل. هيا يا بشّار. خبط بشّار الأرض بقدمه مرّات ومرّات وهو يقول: أنا بشّار
البطل الجبّار.. أبي.. أعطني كلمة مثل بشّار وجبّار.
فكّر والده ثم
أجابه: نهار. صرخ بشار وهو ينظر تحت سريره ويخبط الأرض بيده بقوة: لقد قضيت
عليك أيها الوحش. أنا بشّار.. البطل الجباّر .. في الليل والنهار.. شعر
بشّار بارتياح فقفز إلى سريره وقال: لقد اختفى إلى الأبد. يمكنك أن تعود إلى سريرك
يا بابا. انصرف والده إلى غرفته. أمّا بشّار فقد أغمض عينيه ولم يعد يشعر بالخوف
فقد نام باطمئنان والغرفة ينيرها ضوء خفيف.
مواضيع تهم
الطلاب والمربين والأهالي
قصص للأطفال
وحكايات معبّرة
إقرأ أيضًا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق