"مغامرات جميلة والوحش الطيب"
كَانَ يَا مَا كَانَ فِي قَدِيمِ الزَّمَانِ، تَاجِرٌ ثَرِيٌّ يَعِيشُ مَعَ بَنَاتِهِ الثَّلَاثِ فِي قَصْرٍ فَخْمٍ. كَانَتِ الابْنَتَانِ الْكَبِيرَتَانِ مَغْرُورَتَيْنِ وَلَا تَهْتَمَّانِ بِالدِّرَاسَةِ، لَكِنَّ الابْنَةَ الصُّغْرَى، جَمِيلَةَ، كَانَتْ مُحِبَّةً لِلْكُتُبِ وَالْعِلْمِ، مِمَّا أَثَارَ غِيرَةَ شَقِيقَتَيْهَا.
اعْتَادَتِ
الأُخْتَانِ الْكَبِيرَتَانِ عَلَى حُضُورِ الْحَفَلَاتِ الْفَخْمَةِ
وَالتَّوَاصُلِ مَعَ النُّخْبَةِ، بَيْنَمَا كَانَتْ جَمِيلَةُ تُفَضِّلُ
الْقِرَاءَةَ وَالدِّرَاسَةَ. فِي يَوْمٍ مِنَ الأَيَّامِ، جَاءَ خَبَرٌ سَيِّئٌ
إِلَى التَّاجِرِ، فَقَدْ تَحَطَّمَتْ سَفِينَتُهُ الَّتِي كَانَتْ تَحْمِلُ
بَضَائِعَ ثَمِينَةً، فَفَقَدَتِ الْعَائِلَةُ كُلَّ ثَرْوَتِهَا وَاضْطُرَّتْ
لِلِانْتِقَالِ إِلَى مَنْزِلٍ رِيفِيٍّ صَغِيرٍ وَالْعَمَلِ مِنْ أَجْلِ لُقْمَةِ
الْعَيْشِ.
فِي
الرِّيفِ، كَانَتْ جَمِيلَةُ تَسْتَيْقِظُ مُبَكِّرًا لِتُسَاعِدَ وَالِدَهَا فِي
الْأَعْمَالِ الْمَنْزِلِيَّةِ وَتَقْرَأُ فِي أَوْقَاتِ فَرَاغِهَا. أَمَّا
الأُخْتَانِ الْكَبِيرَتَانِ، فَقَدْ كَانَتَا تَشْتَكِيَانِ مِنَ الْفَقْرِ
وَتَنْتَظِرَانِ الزَّوَاجَ مِنْ أَثْرِيَاءِ، لَكِنَّ جَمِيعَ الْخُطَّابِ
تَخَلَّوْا عَنْهُمَا بِسَبَبِ كِبْرِيَائِهِمَا.
بَعْدَ
عَامٍ، عَلِمَ التَّاجِرُ أَنَّ سَفِينَتَهُ الْمَفْقُودَةَ وَصَلَتْ إِلَى
الْمِيناءِ، فَقَرَّرَ الذَّهَابَ لِلْمُطَالَبَةِ بِهَا وَوَعَدَ بَنَاتِهِ
بِهَدَايَا. طَلَبَتِ الأُخْتَانِ الْكَبِيرَتَانِ مُجَوْهَرَاتٍ ثَمِينَةً،
بَيْنَمَا طَلَبَتْ جَمِيلَةُ وَرْدَةً بَسِيطَةً. عِنْدَ وُصُولِهِ إِلَى
الْمِيناءِ، وَاجَهَ التَّاجِرُ الْعَدِيدَ مِنَ الصُّعُوبَاتِ وَعَادَ خَالِيَ
الْوَفَاضِ إِلَّا مِنَ الْهَدَايَا لِابْنَتَيْهِ الْكَبِيرَتَيْنِ.
فِي
طَرِيقِ الْعَوْدَةِ، عَلِقَ التَّاجِرُ فِي عَاصِفَةٍ شَدِيدَةٍ، فَوَجَدَ
مَلْجَأً فِي قَصْرٍ غَامِضٍ وَفَاخِرٍ. بَعْدَ قَضَاءِ لَيْلَةٍ هَادِئَةٍ،
قَرَّرَ قَطْفَ وَرْدَةٍ مِنَ الْحَدِيقَةِ لِجَمِيلَةَ، لَكِنَّ فَجْأَةً ظَهَرَ
وَحْشٌ مُرْعِبٌ وَهَدَّدَهُ بِالْمَوْتِ بِسَبَبِ سَرِقَةِ الْوَرْدَةِ.
طَلَبَ
التَّاجِرُ الرَّحْمَةَ وَأَوْضَحَ أَنَّ الْوَرْدَةَ لِابْنَتِهِ. وَافَقَ
الْوَحْشُ عَلَى الْعَفْوِ عَنْهُ بِشَرْطِ أَنْ تَأْتِيَ إِحْدَى بَنَاتِهِ
لِلْعَيْشِ مَعَهُ فِي الْقَصْرِ. وَافَقَتْ جَمِيلَةُ عَلَى الْفَوْرِ عَلَى
الذَّهَابِ لِتَحْرِيرِ وَالِدِهَا مِنْ هَذَا الْمَأْزِقِ.
عِنْدَمَا
وَصَلَتْ جَمِيلَةُ إِلَى الْقَصْرِ، فُوجِئَتْ بِحُسْنِ الضِّيَافَةِ
وَالْعِنَايَةِ الْفَائِقَةِ الَّتِي تَلَقَّتْهَا. وَعَلَى الرَّغْمِ مِنْ
مَظْهَرِ الْوَحْشِ الْمُخِيفِ، اكْتَشَفَتْ أَنَّهُ كَانَ لَطِيفًا وَوَدُودًا.
قَضَيَا وَقْتًا مُتْمَتِّعَيْنِ مَعًا، وَبَدَأَتْ جَمِيلَةُ تَشْعُرُ
بِالارْتِيَاحِ مَعَهُ، لَكِنَّهَا كَانَتْ تَرْفُضُ طَلَبَهُ الزَّوَاجَ كُلَّ
لَيْلَةٍ.
فِي
يَوْمٍ مِنَ الْأَيَّامِ، طَلَبَتْ جَمِيلَةُ زِيَارَةَ عَائِلَتِهَا، فَسَمَحَ
لَهَا الْوَحْشُ بِذَلِكَ وَأَعْطَاهَا مِرْآةً سِحْرِيَّةً وَخَاتِمًا لِتَعُودَ.
أَقْنَعَتْهَا شَقِيقَتَاهَا بِالْبَقَاءِ لِفَتْرَةٍ أَطْوَلَ، عَلَى أَمَلِ أَنْ
يُؤْذِيَهَا الْوَحْشُ، وَلَكِنْ عِنْدَمَا عَادَتْ جَمِيلَةُ إِلَى الْقَصْرِ،
وَجَدَتِ الْوَحْشَ يَحْتَضِرُ مِنَ الْحُزْنِ.
أَدْرَكَتْ
جَمِيلَةُ أَنَّهَا تُحِبُّ الْوَحْشَ، وَوَعَدَتْهُ بِالزَّوَاجِ مِنْهُ. فَوْرَ
إِعْلَانِ حُبِّهَا، تَحَوَّلَ الْوَحْشُ إِلَى أَمِيرٍ وَسِيمٍ، وَأَخْبَرَهَا
أَنَّهُ كَانَ تَحْتَ تَأْثِيرِ لَعْنَةٍ لَا يَكْسِرُهَا إِلَّا الْحُبُّ
الْحَقِيقِيُّ. تَزَوَّجَا وَعَاشَا مَعًا فِي سَعَادَةٍ دَائِمَةٍ، وَانْضَمَّتْ
إِلَيْهِمَا عَائِلَتُهَا فِي الْقَصْرِ، لِتَعِيشَ الْأُسْرَةُ كُلُّهَا
بِسَعَادَةٍ وَهَنَاءِ.
مصدر
الصُّوَر: 1
قصة للأطفال: القراشل المغربية عيدية
قصة وحكمة: اتقن فن اختيار التوقيت المناسب
للمزيد
معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق