الطَّمَعُ يُوقِظُ الأَمْواتَ
كانَ هُناكَ صَدِيقانِ شَرِيكَانِ فِي التِّجارَةِ، اعتادَا تَحْقِيقَ الأَرْبَاحِ وَالعَيْشَ فِي رَفَاهِيَةٍ وَرَغَدٍ. تَكَرَّرَ هَذَا النَّجَاحُ حَتَّى جَاءَ اليَوْمُ الَّذِي عَقَدَا فِيهِ صَفْقَةً تِجارِيَّةً مُرْبِحَةً جِدًّا، وَقَرَّرَا تَقَاسُمَ الأَرْبَاحِ. لَكِنْ تَبَقَّى لِصَدِيقِهِ مَبْلَغٌ صَغِيرٌ، "رُبْعُ قِرْشٍ"، فَوَعَدَهُ بِدَفْعِهِ لَاحِقًا.
وَمَضَتِ الأَيَّامُ، وَصَدِيقُهُ لا يَمْلِكُ
هَذِهِ القِطْعَةَ النَّقْدِيَّةَ الصَّغِيرَةَ. رَغْمَ كُلِّ مَا عَرَضَهُ مِنْ
نُقُودٍ، قِرْشًا أَوْ حَتَّى خَمْسَةَ قُرُوشٍ، إِلَّا أَنَّ الأَوَّلَ أَصَرَّ
عَلَى الحُصُولِ عَلَى "الرُّبْعِ قِرْشٍ". أَصْبَحَ التَّاجِرُ
الأَوَّلُ يَزُورُهُ يَوْمِيًّا، وَيَقْضِي وَقْتًا طَوِيلًا يُطَالِبُ بِهَذَا
المَبْلَغِ البَسِيطِ، حَتَّى ضَاقَ صَدِيقُهُ ذَرْعًا.
أَدْرَكَ التَّاجِرُ الثَّانِي وَزَوْجَتُهُ
أَنَّهُ لا بُدَّ مِنَ التَّخَلُّصِ مِنْ هَذَا العِبْءِ الثَّقِيلِ. فَخَطَّطَا
لِمَسْرَحِيَّةٍ، يَتَظَاهَرُ فِيهَا الزَّوْجُ بِالمَوْتِ أَثْنَاءَ تَنَاوُلِ
العَشَاءِ، مُدَّعِيًا أَنَّ حَسَكَةَ سَمَكٍ عَلِقَتْ فِي حَنْجَرَتِهِ.
وَهَكَذَا نَفَّذَا الخُطَّةَ، انْتَشَرَتِ الأَخْبَارُ عَنْ وَفَاتِهِ،
وَتَجَمَّعَتِ الجُمُوعُ لِلتَّعْزِيَةِ. التَّاجِرُ الأَوَّلُ، بِوَفَائِهِ
الظَّاهِرِيِّ، أَعْلَنَ أَنَّهُ سَيَقُومُ بِغَسْلِهِ بِنَفْسِهِ.
دَخَلَ التَّاجِرُ الأَوَّلُ غُرْفَةَ
الغَسْلِ، جَلَبَ المَاءَ السَّاخِنَ وَسِيفَةً خَشِنَةً، وَبَدَأَ بِفَرْكِ
جَسَدِ صَدِيقِهِ المَيِّتِ المُتَظَاهِرِ، أَمَلًا فِي الحُصُولِ عَلَى "الرُّبْعِ
قِرْشٍ". رَغْمَ الأَلَمِ الشَّدِيدِ الَّذِي شَعَرَ بِهِ المُتَظَاهِرُ
بِالمَوْتِ، تَمَسَّكَ بِدَوْرِهِ، لَكِنَّهُ فِي النِّهَايَةِ لَمْ يَسْتَطِعْ
تَحَمُّلَ المَزِيدِ.
اقْتَرَبَ وَقْتُ الدَّفْنِ، وَصَرَّحَ
التَّاجِرُ الأَوَّلُ بِأَنَّهُ لا يَسْتَطِيعُ العَيْشَ بِدُونِ صَدِيقِهِ،
وَأَصَرَّ عَلَى دَفْنِهِ مَعَهُ. وَهَكَذَا كَانَ، دَفَنُوا التَّابُوتَ فِي
مَقْبَرَةٍ جَمَاعِيَّةٍ تُسَمَّى "خُشْخَاشَةَ"، حَيْثُ بَقِيَ
التَّاجِرُ الأَوَّلُ قُرْبَ التَّابُوتِ.
فِي مُنْتَصَفِ اللَّيْلِ، سَمِعَا ضَجَّةً. كَانَتْ
عِصَابَةُ لُصُوصٍ قَدْ سَطَتْ عَلَى خَزِينَةِ المَلِكِ وَجَاءَتْ لِتَقْسِيمِ
الغَنَائِمِ فِي "الخُشْخَاشَةَ". اخْتَبَأَ التَّاجِرُ الأَوَّلُ
بَيْنَ أَكْوَامِ العِظَامِ القَدِيمَةِ، وَبَدَأَتِ العِصَابَةُ فِي تَقْسِيمِ
الذَّهَبِ وَالمُجَوْهَرَاتِ. بَقِيَ السَّيْفُ الذَّهَبِيُّ لِلْمَلِكِ،
وَقَرَّرُوا أَنَّ مَنْ يَقْطَعُ الجُثَّةَ الجَدِيدَةَ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ
يَأْخُذُ السَّيْفَ.
رَفَعَ أَحَدُ اللُّصُوصِ السَّيْفَ لِيَضْرِبَ
التَّابُوتَ، لَكِنَّ التَّاجِرَ المُتَظَاهِرَ بِالمَوْتِ صَاحَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ:
"أَيُّهَا المَيِّتُونَ القُدَامَى! أَنْقِذُوا المَيِّتَ الجَدِيدَ!".
اسْتَجَابَ رَفِيقُهُ بِتَحْرِيكِ العِظَامِ، مُحْدِثًا ضَجِيجًا وَصِيَاحًا
مُصْطَنَعًا. ارْتَعَبَ اللُّصُوصُ وَفَرُّوا هَارِبِينَ.
خَرَجَ التَّاجِرُ مِنَ التَّابُوتِ، وَجَلَسَا
يَتَقَاسَمَانِ الغَنَائِمَ، لَكِنَّ التَّاجِرَ الأَوَّلَ طَالَبَ بِالرُّبْعِ
قِرْشٍ مُجَدَّدًا. فَجْأَةً، عَادَ أَحَدُ اللُّصُوصِ لِتَفَقُّدِ الوَضْعِ،
وَسَمِعَ النِّقَاشَ حَوْلَ الرُّبْعِ قِرْشٍ. عِنْدَمَا اكْتَشَفَهُ التَّاجِرُ
الثَّانِي، أَخَذَ خُوذَتَهُ وَقَالَ لِصَدِيقِهِ: "خُذْ هَالقُبْعَ
بِالرُّبْعِ".
هَرَبَ اللِّصُّ مَذْعُورًا وَأَخْبَرَ عِصَابَتَهُ بِأَنَّ الأَمْوَاتَ قَدِ اسْتَيْقَظُوا وَاقْتَسَمُوا خَزِينَةَ المَلِكِ، وَأَنَّ نَصِيبَ الوَاحِدِ مِنْهُمْ لَمْ يَتَجَاوَزْ "الرُّبْعَ قِرْشٍ".
قصة للأطفال: القراشل المغربية عيدية
قصة وحكمة: اتقن فن اختيار التوقيت المناسب
للمزيد
معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق