الصفحات

الأربعاء، 13 مايو 2020

• قصة مَثَل: كثرةُ اللُّقَم تطردُ النِّقَم

يُحكى أنَّ امرأةً رأت في نومها أنَّ رجلاً من أقاربها قد لدغته أفعى سامة فقتلته ومات على الفور، وقد أفزعتها هذه الرؤيا وأخافتها جداً، وفي صبيحة اليوم التالي توجّهت إلى بيت ذلك الرجل وقصّت عليه رؤياها وعَبَّرَت له عن مخاوفها، وطلبت منه أن ينتبه لما يدور حوله، ويأخذ لنفسه الحيطة والحذر.

نذر الرجلُ على نفسه أن يذبح كبشين كبيرين من الضأن نِذراً لوجه الله تعالى عسى أن ينقذه ويكتب له السلامة من هذه الرؤيا المفزعة. وهكذا فعل، ففي مساء ذلك اليوم ذبح رأسين كبيرين من الضأن، ودعا أقاربه والناس المجاورين له، وقدَّمَ لهم عشاءً دسماً، ووزَّعَ باقي اللحم حتى لم يبقَ منه إلا ساقاً واحدة. وكان صاحب البيت لم يذق طعم الأكل ولا اللحم بسبب القلق الذي يساوره ويملأ نفسه، وبسبب الهموم التي تنغّص عليه عيشه وتقضّ مضجعه، فهو وإن كان يبتسم ويبشّ في وجوه الحاضرين، إلا أنه كان يعيش في دوامة من القلق والخوف من المجهول.
لَفَّ الرجلُ الساقَ في رغيفٍ من الخبز ورفعها نحو فمه ليأكل منها، ولكنه تذكّر عجوزاً من جيرانه لا تستطيع القدوم بسبب ضعفها وهرمها، فلام نفسه قائلاً: لقد نسيت تلك العجوز وستكون الساق من نصيبها، فذهب إليها بنفسه وقدّم لها تلك الساق واعتذر لها لأنه لم يبقَ عنده شيءٌ من اللحم غير هذه القطعة.
سُرَّتْ المرأةُ العجوز بذلك وأكلتْ اللحمَ ورمتْ عظمةَ الساق، وفي ساعات الليل جاءت حَيَّةٌ تدبُّ على رائحة اللحم والزَّفَر، وأخذتْ تأكلُ ما تبقى من الدهن وبقايا اللحم عن تلك العظمة، فدخل العظم في حلقها ولم تستطع الحيّة التخلّصَ منه، فأخذتْ ترفع رأسها وتخبط العظمة على الأرض وتجرّ نفسها إلى الوراء وتزحف مُحَاوِلَةً تخليصَ نفسها، ولكنها عبثاً حاولتْ ذلـك، فلم تُجْدِ محاولاتُها شيئاً ولم تستطع تخليصَ نفسها.
وفي ساعات الصباح الباكر سَمِعَ أبناءُ الرجل المذكور حركةً وخَبْطاً وراء بيتهم فأخبروا أباهم بذلك، وعندما خرج ليستجلي حقيقة الأمر وجد الحيّة على تلك الحال وقد التصقت عظمة الساق في فكِّها وأوصلها زحفها إلى بيته، فقتلها وحمد الله على خلاصه ونجاته منها، وأخبر أهله بالحادثة فتحدث الناس بالقصة زمناً، وانتشر خبرها في كلّ مكان، وهم يرددون المثل القائل: كثرةُ اللُّقَم تطردُ النِّقَم. أي كثرة التَصَدُّق بالطعام تدفع عنك البلايا.
إقرأ أيضاً

للمزيد              
أيضاً وأيضاً

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق