«أنا على وشك أن أُفْلِتَ المارد»
في عام 1814 اجتمعت القوى العظمى في أوروبا في مؤتمر فيينا لتقسيم ما تبقى من الإمبراطورية المنهارة لنابليون بونابرت. كان الابتهاج يملأ المدينة والحفلات من أروع ما رواه التاريخ، لكن كان ظِلُّ نابليون المهيب يرفرف على المباحثات، وبدلاً من أن يحكموا بإعدامه أو نَفْيِهِ تم إرساله إلى جزيرة إلبا غير بعيدٍ عن شاطئ إيطاليا.
حتى
وهو حبيسُ جزيرةٍ كانت قوة شخصية نابليون ومَكْرِهِ تُوَتِّرُ الجميع، أراد
النمساويون تدبير قتله ولكنهم رأوا أن في ذلك خطورة شديدة. ورفع الكسندر الأول
القيصر المؤقت لروسيا حِدَّةَ التوتر حين صاح بعد أن عَلِمَ بِتَمَرُّدِ جزءٍ من
بولندا على وصايته قائلاً «أنا على وشك أن أُفْلِتَ المارد»، وكان الجميع يعرفون
أنه يقصد نابليون، ومن بين كل رجالات الدولة الحاضرين وحده تاليران وزير الخارجية
السابق لنابليون ظل محتفظاً بهدوئه ولا مبالاته كأنه يعرف شيئاً لا يعرفه الآخرون.
كانت حياة نابليون في جزيرة إلبا نسخاً مستهزئاً من مجده السابق، فقد سمحوا له
باعتباره «ملكاً» لإلبا أن يحتفظ بحاشية مصغرة تتكون من طباخ واختصاصيةِ ملابسٍ
وعازف بيانو رسمي وعدد قليل من رجال البلاط، كان القصد هو الاستهزاء بنابليون،
وتصوروا أنهم نجحوا في ذلك.
لكن
في شتاء ذلك العام وقعت سلسلة من أحداث غريبة ومُشَوِّقة لدرجة تجعلها تستحق أن تُروى
في مسرحية. كانت السفن البريطانية تحيط بجزيرة إلبا وكانت مدافعها تحاصر كل
المخارج المحتملة، لكن بطريقة ما استطاعت سفينة على متنها تسعمائة شخص أن تأخذ
نابليون وَتَفِرَّ به إلى البحر، وطاردتها السفن البريطانية لكن لم تلحق بها،
استثارَ هذا الهروبُ المستحيل دَهْشَةَ شعوبِ أوروبا وَفَزَعَ رجالِ السياسة
المجتمعين في فيينا.
كان
من الآمن لنابليون أن يغادر أوروبا هرباً، إلا أنه لم يَكْتَفِ بالعودة لفرنسا بل
ليِزَيِدَ الأمور غرابةً زَحَفَ بجيشه الضئيل إلى باريس آملاً أن يَسْتَرْجِعَ
العرش، وَنَجَحَتْ إستراتيجيتُه، وَتَجَمَّعَ الناسُ من كل طبقات الشعب وأرتموا
تحت قدميه، وبسرعة خرجَ جيشٌ من باريس يقوده المارشال تاي للقبض على نابوليون، لكن
حين رأى الجنود قائدَهم السابق غيَّروا ولاءَهم وانضموا إليه، وَتَمَّ تنصيب
نابليون إمبراطوراً من جديد وتَضَخَّمَ جيشُه ثانيةً بالمتطوعين، واشتعلتْ فرنسا
بحماسةٍ تُقارب الهذيان وتمردّت الجموع في باريس وهرب الملك الذي كان قد تولى
الحكم بعد نابليون.
حَكَمَ
نابليون فرنسا لمائة يوم بعد ذلك، استفاقَ الناس خلالها بسرعة من الهذيان. أَفلستْ
فرنسا واستنزفتْ مواردها، ولم يكن لدى نابليون أية حلول، وفي يونيو من نفس العام هُزِمَ
نابليون نهائياً في معركة واترلو، وفي هذه المرة كان أعداؤه قد تَعَلَّمُوا الدَّرسَ:
حكموا بِنَفْيِهِ إلى جزيرة سانت هيلانه القاحلة على شاطئ أفريقيا من بعيد، ولم تَعُدْ
لديه أيُّ إمكانيةٍ للهرب.
تعليق على القصة: https://tofoula-mourahaka.blogspot.com/2023/01/blog-post_10.html
المصدر: THE 48 RULES OF POWER, ROBERT GREEN
مواضيع تهم الطلاب والمربين
والأهالي
إقرأ أيضاً
قصة مُخيبة: الموسيقى مجانية للملايين
قصة مؤامرة: صديقان منذ الطفولة
قصة للأطفال: الضبع وقط الأدغال
قصة للأطفال: من حفر حفرة وقع فيها
للمزيد
معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7
مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على
المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل المراهقين
وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن
شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة
شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث
عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات
وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات
وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق