حكايةٌ من المكسيك
كان
هناك صبيٌّ صغير الحجم، دقيق الجسم، ضعيف البنية اسمه أوياكا. كان حجم أوياكا سبباً
في مضايقة أطفال القبيلة له، وإغاظتهم لأوياكا كلما رأوه.
كان أوياكا يعيش مع جده، وكان الجدُّ يحاول دائمًا أن ينقذه من هؤلاء الأشقياء، لكن الجدَّ لم يكن معه حين ذهب أوياكا ذات يوم إلى الغابة الممطرة.
كانت
الأشجار الضخمة تشبه غطاء عملاقاً فوق الصبي أوياكا. وكانت الثمار الناضجة،
والأزهار المتفتحة ترسل رائحتها الجميلة فيحملها الهواء المندى بالماء إلى أنف
أوياكا فيشعر بالسعادة وهو يشمّها.
اعتاد
أوياكا أن يذهب إلى الغابة الممطرة كلما أحسَّ بالضيق، وهناك كان يتحدث إلى
الأزهار والأشجار، بل وإلى الحيوانات التي أصبحت من بين أصدقائه.
ذات
يوم أثناء جولاته بالغابة الممطرة، عثر أوياكا على مجموعة من الحيوانات نائمة تحت
جذع شجرة ضخمة جدًّا، كانت هناك قردة ناعسة، ونمور نائمة، وثعابين تحلم، وتماسيح
غارقة في سبات عميق!
بدا
الأمر بالنسبة للصبي أوياكا غريبًا! بل كان الأمر مدهشاً جداً!
مشى
أوياكا بحرص بين الحيوانات النائمة حتى لا يدوس عليها بقدميه. وحين اقترب من
الشجرة الضخمة أحسَّ بدوار خفيف، ثم بدأ يتثاءب، وفجأة أحس بأن ساقيه مثل المطاط،
فسقط على الأرض، واستغرق في نوم عميق.
في
منامه، بدأ أوياكا يحلم بالحيوانات، كانت هناك حيوانات يعرفها، وحيوانات أخرى
غريبة لم يرها من قبل! كان الجميع يغنون معًا. وفي وسط ذلك كله، كان هناك رجل
عجوز، نهض من مكانه حين رأى أوياكا وتقدم إليه، وقال له:
«اسمي سينايا، أنا ابن الفهد الأرقط».
تذكّر
أوياكا قصة سينايا الذي كان الكبار يحكون عنه في القبيلة. كان سينايا معلمًا
مشهورًا، وحكيما كبيراً.
بدأ
سينايا يحكي قصصاً عجيبة للصبي أوياكا، الذي جلس يستمع وهو يستمتع. عرف بأساطير عن
سرقة النار من النسر، واستخدام تلك النار في إشعال الحطب وطهو الطعام، ليصبح طعمه أفضل
وأطيب. وكيف أن سينايا لم يكن يخاف الظلام، حتى ولو كان وحيدًا.
بعد
قليل غربت الشمس، واختفت الحيوانات من حول أوياكا، فأسرع عائدًا إلى بيته قبل أن
يهبط الظلام.
في
صباح اليوم التالي كان أوياكا يريد أن يذهب إلى الغابة، حتى قبل أن يتناول فطوره.
وقد ذهب فوجد الشجرة، والحيوانات النائمة، ونام هو أيضاً، وعاش بين الحيوانات وهي
تغني. ثم استيقظ أوياكا عند الغروب، وعاد إلى البيت! كان يذهب بلا فطور، ويعود فلا
يجد ما يكفي من الطعام باقياً، وتكرّرت رحلاته إلى الغابة الممطرة، وعدم تناوله
الطعام بشكل جيد، فبدأ ينحف، وبدأ جسمه يضعف أكثر.
في
حلمه تلك الليلة، رآه سينايا المعلم، فنصحه بألا يأتي مرة أخرى، وأن يتناول طعامه،
بشكل جيد. وافق أوياكا على طلب المعلم سينايا.
عاد
الصبي أوياكا جائعًا إلى القرية. أعد له الجد طعامًا طيبا. وسأله عن سر غيابه،
فحكى له أوياكا قصة الشجرة والحيوانات النائمة.
في
اليوم التالي اصطحب أوياكا جده معه إلى الغابة الممطرة، وقال له اقترب من الشجرة
وانتظر ما سيحدث. بقي أوياكا بعيدًا استجابة لنصيحة المعلم سينايا.
بعد
قليل نام الجدّ، مثلما نامت الحيوانات التي اجتمعت تحت الشجرة. لم يدم نوم الجد
طويلاً. واستيقظ منزعجًا، وعاد إلى حفيده الذي كان ينتظره وقال له:
«هذه الشجرة تمنح القوة لمن ينام تحتها».
عاد
الصبي أوياكا وجده إلى القرية. جاءتهما أخبارٌ بأن صبياً اسمه خيبوته مريض. كان
خيبوته أحد الصبية الذين كان يؤذون الصبي أوياكا، وهو من نفس عمره، إلا أنه كان
ضخم الجثة كبير البطن. لم يستطع أطباء القرية شفاءه. أخذ الصبي أوياكا يتذكر نصائح
المعلم سينايا وقصصه عن الطب. فذهب إلى خيمة أهل الصبي خيبوته وقد جمع أعشابًا
طبية نصحه سينايا بها تعالج الانتفاخ في البطن، والاعتلال في الصحة. وضع الصبي
أوياكا الأعشاب في الماء المغلي وقلبها جيداً، ثم سقاها للصبي خيبوته. وفي المساء
استعاد خيبوته صحته!
انتشرت
الأخبار في القرية عن الصبي أوياكا الذي يستطيع شفاء الأمراض بالأعشاب الطبية.
وبدأ الصبي أوياكا يعالج قومه، الذين بدأوا يحترمونه، صغارًا وكبارًا، ويقدمون له
ولجده الهدايا.
ذات
يوم نام الصبي أوياكا فزاره في الأحلام معلمه سينايا وقال له:
«لقد احترمت نصيحتي، وابتعدت عن الشجرة، كما أنك أحسنت إلى الصبية
الأشقياء الذين كانوا يؤذونك كثيرًا. إن طاعتك لنصائح الذين يحبونك ممن هم أكبر
منك سناً، وأكثر منك خبرة، ورحمتك بالمرضى ولو كانوا آذوك، هي التي تجعلني أعلمك
أكثر، لتكتسب قوة أكبر»!.
خيبوته
الذي كان أخطر أعداء الصبي أوياكا في الماضي أصبح من أقرب الأصدقاء إليه، وأصبح
حبه له يجري مثل نهر الأمازون في موسم المطر.
جمع
الصبي أوياكا كنوزا كثيرة بسبب الهدايا التي كانت تأتيه جزاء لعلاجه المرضى. وتردد
اسمه في المجالس. لكن هناك من كان يحقد عليه من الأطباء المزيفين الذين كشفهم
الصبي أوياكا، وجعلهم لا يجدون عملاً، فقرروا التخلص منه، وقتله!
انتظر
المتربصون به عودته من النهر، بعد رحلة صيد، وكان يشوي سمكة يعدها للطعام. وحين
جلس لتناولها مع جده وصديقه خيبوته، بدأ المتربصون به يخرجون من مخابئهم، سعياً
لقتل أوياكا.
لكن
المعلم سينايا كان قد أهدى أوياكا قوى يستطيع بها أن يسمع دبيب النمل، وأن يرى من
وراء الأغصان، فعرف بأمر الذين ينوون الاعتداء عليه. فأخذ جده وصديقه، واختفى
معهما في مكان جديد. بينما لم يعثر الأشقياء على أحد عندما دخلوا بيت أوياكا.
بدأ
حكماء القرية في البحث عن أوياكا لأن المرضى بدأ عددهم يزداد. وحين عثروا عليه
تمنوا أن يعود معهم. لكن أوياكا كان قد عرف بأن الأعداء لن يصبروا عليه. وقرر ألا
يعود إلا حين تطرد القرية كل الأشقياء منها.
ترجمة
مروة إسماعيل
المصدر:
1
مواضيع تهم الطلاب والمربين
والأهالي
إقرأ أيضاً
قصة للأطفال: أيّوب... بشرى للبريد السريع
قصة للأطفال: عبدالله تلميذ مجتهد
للمزيد
معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7
مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على
المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل
المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن
شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة
شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث
عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات
وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات
وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق