كان لأحد ملوك الزمان
عدةُ نساء، ولكل زوجةٍ أولاد، يلعبون في حديقة القصر، فيتشاجرون لأتفه الأسباب،
فتأتي أمهاتُهم ويختلط صراخ الأولاد بصياح النساء، فيضطر الملك إلى التدخل وإلى إهمال
شؤون العرش، لإجراء المصالحات بين أولاده، وتطييب خواطر زوجاته. ولذلك تخلى عن بعض
صلاحياته لكبار معاونيه، ولا سيما قاضي القضاة الذي خوّله أن يقضي ويمضي كما يشاء.
وفي أحد الأيام، جاء من
يقول للملك أن قاضي القضاة "يعمل السبعة وذمتها" ولا يتّقي الله، حتى
أنه شنق ثلاثةَ رجالٍ في يوم واحد. فاستدعاه حالاً وسأله فأجاب: "نعم شنقتُ
ثلاثةَ رجال"، الأول، لأنه قتل والده، فقال الملك: حسناً فعلت.
والثاني، لأنه مرّ حيث شنقنا الرجل الأول
وقال: "يرحمه الله".
فقال الملك: "وهل شنقتَ الرجل لهذا
السبب؟"
فردّ: "أجل، لأنه شكّك في عدالة الله،
إذ كيف يمكن الله أن يرحم من يقتل أباه.
والثالث، لأنه جاء وأخبرنا أن الرجل
الثاني قال عن الرجل الأول: يرحمه الله.
فقال الملك: "ويحك! وهل هذا ما يوجب
الشنق؟"
ردّ: "طبعاً، لأنه شكّك بعدالتنا. إذ
لو كان مؤمناً بعدالتنا لما خَشِيَ أن ينقضها الله بعدالته فيرحم من يقتل
أباه."
فأُعجب الملك ببداهة القاضي، وكان يفكر في
طريقة لتنظيم شؤون أولاده، فيتفرغ إلى سياسة زوجاته، فقال له: "سأعهد إليك
مؤقتاً في أمور أولادي ترعاهم بعنايتك وتحكم بينهم بحكمتك".
يقول الراوي أن القاضي هذا، قبل أن تغيب
شمس ذلك النهار، شنق نفسه تحت إحدى أشجار الحديقة. فقالوا "قاضي الأولاد
شنق حالو".
نشرت في "ملحق النهار" بتاريخ 1
نيسان 1973.
إقرأ أيضاً
للمزيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق