عاشت السمكة صاحبة الفم
الكبير والجسد الرفيع النحيل الطويل والزعانف الواسعة الممتدة تتنقل من بحر إلى
بحر.. ومن عمق إلى سطح.. ومن بحر صغير إلى محيط واسع كبير..
كانت السمكة تحب السفر..
ولا تقضي في مكان واحد يومين متتاليين..
شعرت السمكة بأن هذه
البحار والمحيطات الواسعة الرحبة لم تعد تشبع حبها للرحلات والاستكشاف.. وبدأت
تفكر بشيء جديد..
سمعت من بعض الأسماك أنها
وقعت مرة في شباك مخلوقات تعيش خارج الماء.. وأنها عندما خرجت من الماء تقطعت
أنفاسها ولم تعد تستطيع التنفس من دون الماء.. وما أن أزيلت عنها الشباك.. حتى
هاجت.. وتحركت بكل قوتها وتمكنت من الإفلات والعودة إلى البحر..
ومنذ ذلك اليوم لم تعد
تصعد إلى سطح الماء حيث ضوء الشمس.. وتفضل البقاء في ظلمة قاع البحر.. وفكرت
السمكة ذو الفم الكبير أن تلك السمكة عقلها صغير ولا تتكلم الصدق، ولو كانت تفكر
قليلاً لأمكنها أن تعيش في أي مكان خارج البحار..
أصبح صدر السمكة ضيقاً
رغم اتساع مساحات البحار والمحيطات..
تريد أن تخرج من هذا
السجن الكبير..
قررت أن تصعد لترى العالم
فوق الماء..
لكن بعض السمكات
الحكيمات عندما علمن بأفكارها هذه حاولن أن يمنعنها وينصحنها..
لكن السمكة تشبثت برأيها
وفكرتها ولم تعد تسمع غير نفسها..
صعدت السمكة ذو الفم
الكبير إلى قرب سطح البحر..
أصبح نور الشمس قوياً..
لم تكن معتادة على ذلك..
سبحت نحو الأعماق وهي
تفكر بالعودة بعد أن تميل الشمس إلى الغروب كي تتمكن من رفع رأسها خارج الماء..
وعند اقتراب المساء..
عادت السمكة ذو الفم
الكبير إلى سطح البحر..
بدأت تخرج رأسها قليلاً
حتى ينقطع نفسها.. فتعيد رأسها إلى الماء في لحظات..
أخذت نفساً عميقاً جداً
وأغلقت خياشيمها..
رفعت رأسها كاملاً خارج
الماء فلفح وجهها الهواء المنعش..
رأت زرقة السماء
الصافية..
لمحت الطيور تحلق في
الفضاء بكل حرية..
فرحت السمكة كثيراً
بمغامرتها.. وعادت إلى البحر لتخبر بعض الأسماك بهذه المغامرة المدهشة..
لكن الأسماك جميعاً لم
تعجبهم هذه المغامرة..
اتهمتهن بأنهن صغيرات
العقل، ولا يملكن عقلاً كبيراً مثلها..
وراحت السمكة تفكر بأنها
لو تدربت على الطيران مثل الطيور التي شاهدتها وهي تطير في الفضاء سوف تطير
بسهولة، خاصة أنها تملك زعانف كبيرة.. وجسمها طويل.. ولو حركت زعانفها الكبيرة
بسرعة سوف تطير وتطير وتحلق في السماء..
ظنت السمكة المسكينة أن
الطيران في الفضاء يشبه السباحة في الماء..
وبعد أيام عادت السمكة ذو
الفم الكبير إلى الأعلى..
مطت رأسها فوق الماء بعد
أن أخذت نفساً طويلاً وعميقاً..
رفعت جسدها خارج الماء
مستعينة بذيلها القوي.. وحاولت القفز وتحريك زعانفها بقوة..
وكان عصفور جائع يحوم في
المكان..
شاهد العصفور هذه الفريسة
اللذيذة الطعم تلمع فوق صفحة الماء.. فالتقطتها بكل سهولة.. وحملها طائراً في
الهواء..
ومن فرط جهل السمكة
المسكينة ظنت نفسها تطير وتطير..
وفي النهاية كانت وجبة
عشاء شهية للطائر المحظوظ وأسرته السعيدة.
د.
طارق البكري
تابعونا على الفيس بوك
مواضيع تهم الطلاب والمربين والأهالي
قصص للأطفال وحكايات معبّرة
إقرأ أيضًا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق