وقف
الديك كعادته نافش الريش فرِحًا مختالاً وهو يصيح مع إطلالة صباح جديد.. فقد كان
يغيظ ديكًا آخر تغير صوته في المدة الأخيرة، ولم يعد باستطاعته أن يشارك
الديك المغرور الصياح عند الصباح، حاول كثيرًا أن يعيد صوته إلى سابق عهده، لكن
دون جدوى.
في
كل مرة كان صوته يخرج خافتًا مجروحًا، وكان يطيب للديك المغرور أن يهزأ من جاره
بكل الوسائل الممكنة، حتى أنه كثيرًا ما أخذ يشتمه دون سبب، ولم يكن الديك الذي
أصيب صوته عدوانيًا، لذلك كان يؤثر الصمت، ويمضي إلى الحقل القريب حزينًا، يشكو
للأشجار والأزهار همّه، ويرجو الله أن يعيد له صوته كما كان من قبل.
في
صباح أحد الأيام قال الديك المغرور مزهوًا وهو يخاطب الديك الثاني: أنا أستغرب أن تبقى مقيمًا
هنا حتى الآن! ما الفائدة منك؟ الأفضل أن ترحل بعيدًا، إسمع صوتي الجميل، وفكِّر
هل تستطيع أن تكون
مثلي في يوم من الأيام؟ أنت ديك مريض وستبقى كذلك، وسأبقى أفضل منك بكثير.
أجابه
الديك الآخر حزينًا مستاءً: لا
أنكر أنك تملك صوتًا جميلاً، صدقني أنا أدعو الله العزيز أن يديمه لك، لكن أيها
الجار لماذا كل هذا التكبر،
هل من الجائز أن تتباهى بما وهبك الله مختالاً فخورًا متكبرًا؟
قال
الديك المتعجرف: كل
هذا الكلام لا فائدة منه، أنت ديك مريض وستبقى كذلك، وأنا أملك أجمل صوت وسأبقى
كذلك.
مضى
الديك الثاني حائرًا حزين القلب، قال يخاطب نفسه: لماذا
يفعل جاري الذي عرفته منذ مدة طويلة ما يفعله؟ كل واحد منا معرض للمرض، فهل يعني
ذلك أن يكون كل واحد منا ضد الآخر في مرضه! أم من الواجب أن نكون معًا
في مواجهة كل شيء، سبحان الله، لا أدري ماذا أفعل مع هذا الجار، سامحه الله، ولن
أتمنى له إلا كل خير.
وذات
يوم فَقَدَ الديك المغرور صوته تمامًا، ولم يعد باستطاعته الصياح كل صباح كما كان يفعل
من قبل، بينما عاد الصوت بكل جماله وبهائه وروعته للديك الثاني، لكنه كان الجار
الحنون القريب من جاره، وكان
يواسيه بكل الطرق الممكنة، ويرجو الله أن يعيد له صوته كما كان، حتى أنه احترامًا
لمشاعر جاره، كان يبتعد قدر المستطاع كلما
أراد أن يطلق صوته الجميل، وكان الجار المتعجرف يشعر بالندم على ما بدر منه من قبل، بعد أن رأى كيف يعامله الديك
الذي تعافى وعاد له صوته.
ومع
الأيام، عاد الصوت للديك الأول، لكنه تعلم أن يكون كريمًا عطوفًا محبًا لجيرانه،
ومع كل صباح كان يرتفع صياح الديك الأول
ليجيبه الديك الثاني، ونشأت بينهما صداقة ومودة ومحبة حتى آخر العمر.
تابعونا على الفيس بوك
مواضيع تهم الطلاب والمربين والأهالي
قصص للأطفال وحكايات معبّرة
إقرأ أيضًا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق