الصفحات

الاثنين، 5 أغسطس 2013

• سي السيد... بين "هو وهي"

تقول هي: لا أريده "سي السيد"
أخذت على نفسي عهدا ألا أثير المشاكل مع زوجي، بالعكس أن أتودد إليه وأكون معه على وئام، فقد تزوجنا عن حب، تعرفت عليه في دراستنا الجامعية وحدث تآلف بيننا، وأصبحنا زميلين في المهنة...
 لكنه اتخذ طريقا في عمله غير طريقي، ونجح فيه، ونجحت أنا أيضا وتقدم لأهلي ووافقوا، وكانت حياتنا الزوجية في بدايتها مثار حديث الجيران عن مدى سعادتنا لدرجة أنني كنت أبخر البيت من الحسد، واستمر نجاح زوجي في عمله، إلى أن جاء وطلب منى أن أتفرغ للبيت، أن أترك وظيفتي، حاولت أن أشرح له أن عملي لا يشغلني عن أولادي، خاصة أن هناك مربية تتولى عملية التنظيف وتساعدني في الطبخ، بالعكس تصورت أنه سيوافقني على الاستمرار في عملي لزيادة الدخل وتأمين مستقبل الأولاد، إننا شركاء في هذا البيت، واتفقت معه أن نفتح حسابا مشتركا في البنك واستطعت بحسن تدبيري أن أجنب جزءا لا بأس به كرصيد لنا لمستقبل. الأبناء، وكان كريما معي، مع مطلع كل شهر يقدم لي مظروفا به راتبه يقتطع منه جزءا قليلا لمصروفاته الضرورية.
أنا أعلم مدى اهتمامه بعمله، ولم يكن هناك خلاف على تربية أبنائنا حاولت قدر طاقتي أن أتولى إعداد الطعام لهم صباحا ومساء، أما في الظهيرة فكنـت أصـدر تعليماتي للمربية بتجهيز الأطباق المفضلة لهم، وعندما أعود من عملي أشرف بنفسي على تجهيز مائدة الطعام.
كنا نجتمع كأسرة لمشاهدة بعض البرامج التلفزيونية أو أفلام الفيديو، ويوم أجازتنا الأسبوعية نخرج لإحدى الضواحي أو أحد المنتزهات البعيدة للاستمتاع بالمناظر الطبيعية والمرح، بمعنى أوضح نمارس حياتنا الأسرية بلا مشاكل أو عقد.
لدي ابنـة وولدان، الأولى في دراستها الجامعية على وشك التخرج، أما الولدان فإن أحدهما في الثانوية العامة والآخر في الإعدادية.
تصورت أن طلب زوجي للتفرغ للبيت هو مجرد مزحة، لكنني وجدته جادا في موقفه، حاد الطبع عند مناقشته، وعندما أعلنت له رأيي بصراحة بأنني متمسكة بعملي كان حازما في رده، خيرني بين البيت أو الوظيفة وعلمت فيما بعد أنه وقع تحت تأثير جماعة من الأصدقاء الذين يكرهون أن تعمل المرأة، وضد مساواة المرأة بالرجل، والمتمسكين بفكرة أن المرأة دورها الوحيد في نطاق البيت لرعاية أطفالها.
أنا لا أريد أن أفقد زوجي ولكنني غير مقتنعة بأن أترك عملي، وأصبح مثل أخريات كثيرات من اللائي يفضلن خدمة الزوج والأولاد. كما أنني لا أطيق أن يكون زوجي "سي السيد"، هو يصدر الأمر وعلى الطاعة، ولا أريد أن يصل الخلاف معه إلى الحد الذي يخيرني فيه بين عملي وبيتي، لأنه حتى لو اضطررت إلى قبول طلبه فسوف يكـون أيضا ضد رغبتي.
.. هي
يقول هو: أشفقت عليها.. وظلمتني!
لم يخطر في بالي وأنا أناقشها للتفرغ للبيت أن أكون "سي السيد" كما تصورت، كان همي الأول هو أبنائي، البنت على وشك التخرج من الجامعة، وتحتاج أن تتعلم تقدير المسئولية، وستصبح زوجة يوما ما في المستقبل القريب.
أعلم أن زوجتي تبذل المستحيل من أجل راحتي وراحة أبنائي، ولكن هذا يشكل ضغطا عليها، لاحظت عليها الإرهاق، شاهدتها وهي تجلس معنا لمتـابعة أحد المسلسلات التلفزيونية وهي تقاوم الرغبة في النوم تحججت للأولاد بأنه قد حان موعد النوم وأغلقت التلفزيون، استيقظت زوجتي على نقاشي مع الأولاد الذين أرادوا متابعة البرنامج، وأشفقت على زوجتي أن يستمر الحال معها بهذا الإرهاق، أدركت أنها لن تستطيع أن توفق بين عملها والبيت بعد أن كثر تعرضها لصداع ودوخة، صحيح أن لدينا مربية تقوم بخدمتنا على أكمل وجه، لكن الأبناء تعودوا على الكسل، بل أصبح اعتمادهم على المربية، وشعرت أنهم فقدوا الإحساس بالمسئولية على عكسي أنا، فقد علمني والداي الاعتماد على النفس، وعندما كبرت كنت من المعارضين لفكرة وجـود خادمة أو مربية ليس لكثرة مشاكلهن ولكن لأنني أرى أنه نوع من الاستعباد لمخلوق بشرى، أشبه بنظام السخرة، كانت زوجتي تصرخ في المربية لإحضار كوب الماء البارد عندما أهـم بالدخول للمطبخ، وكان أبنائي على النقيض مني، اعتمادهم الأول والأخير على هذه المخلوقة الضعيفة التي تلبي كل طلباتهم حتى ولو كانت متذمرة من مطالبهم.
تصورت أن هناك خللا في تربية الأبناء فقد تمادوا في الكسل وخشيت أن يتطبعوا عليه مستقبلا بعد تخرجهم من الجامعة، حاولت في بداية حياتي الزوجية أن أقنع زوجتي بأن مكان المرأة هو البيت ولكنها كانت متحمسة لعملها ومتمسكة بفكرة المساواة بين المرأة والرجل، وإزاء إصرارها لم أرد أن أفقدها أو أعكر عليها صفو علاقتنا الزوجية، كنا في بداية الطريق، لم يكن هناك أولاد بعد، وتحمست لفكرة عودتها للبيت بعد ولادة ابنتنا، ولكنها عادت بعد شهور الوضع إلى عملها بحجة ضمان مستقبل البنت، ثم جاء المولود الثاني ثم الثالث، وتكررت محاولاتي لإقناعها بالعدول عن إصرارها على الاستمرار في عملها، وكنـت مقتنعا بأن مجال الزوجة هو البيت وأن وظيفتها الأساسية هي رعاية الأسرة الصغيرة التي تضمني مع أبنائي، وليس تأثـرا بكلام أصدقائي كما تتخيل هي، إنني مقتنع برأيي، ولست أدعي أنني "سي السيد" وإلا لكنت نفذت الأمر يوم زفافي إليها، وأن تقبع في البيت ولا تخرج منه إلا بـ "فرمان" مني، ولهذا أحسست أن زوجتي ظلمتني باتهامي بأنني عنيد في موقفي معها بخصوص حرمانها من عملها. بالعكس لقد أشفقت عليها!!
.. هو

 تابعونا على الفيس بوك
 إقرأ أيضًا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق