قصة وحكاية: قصة ملهمة: التراب يتحول إلى ذهب

السِّحْرُ الحَقِيقِيُّ

فِي قَدِيمِ الزَّمَانِ، فِي بِلَادٍ بَعِيدَةٍ تُدْعَى بُورْمَا، عَاشَتْ زَوْجَةٌ شَابَّةٌ كَانَتْ تُحِبُّ زَوْجَهَا حُبًّا جَمًّا. وَلَكِنَّهَا كَانَتْ قَلِقَةً بِسَبَبِ شَيْءٍ وَاحِدٍ.

قَالَتْ لِزَوْجِهَا: "يَا زَوْجِي العَزِيزَ، أَنْتَ تَقْضِي كُلَّ يَوْمِكَ مُحَاوِلًا تَحْوِيلَ التُّرَابِ إِلَى ذَهَبٍ. وَسُرْعَانَ مَا سَيَنْفَدُ كُلُّ مَالِنَا."

رَدَّ الزَّوْجُ بِثِقَةٍ: "أَنَا أَفْعَلُ هَذَا مِنْ أَجْلِنَا! يَوْمًا مَا سَنُصْبِحُ أَغْنِيَاءَ. سَوْفَ تَشْكُرِينَنِي!"

لَكِنَّ الزَّوْجَةَ هَمَسَتْ بِحُزْنٍ: "إِذَا عِشْنَا حَتَّى ذَلِكَ الوَقْتِ!" وَشَعَرَتْ أَنَّهَا بِحَاجَةٍ إِلَى المُسَاعَدَةِ، فَذَهَبَتْ لِرُؤْيَةِ وَالِدِهَا.

اسْتَقْبَلَهَا وَالِدُهَا بِحَنَانٍ وَقَالَ: "بِنْتِي العَزِيزَةَ، يَبْدُو أَنَّ هُنَاكَ شَيْئًا يُزْعِجُكِ. مَا الأَمْرُ؟"

قَالَتِ الزَّوْجَةُ: "زَوْجِي يُحَاوِلُ تَحْوِيلَ التُّرَابِ إِلَى ذَهَبٍ طُولَ اليَوْمِ. قَرِيبًا سَنَفْقِدُ كُلَّ مَالِنَا! هَلْ يُمْكِنُكَ التَّحَدُّثُ مَعَهُ؟"

قَالَ الأَبُ بِثِقَةٍ: "بِالطَّبْعِ، سَأَفْعَلُ ذَلِكَ." وَشَعَرَتِ ابْنَتُهُ بِالارْتِيَاحِ.

فِي اليَوْمِ التَّالِي، ذَهَبَ الأَبُ لِرُؤْيَةِ صِهْرِهِ.

قَالَ الشَّابُّ: "مِنَ الجَيِّدِ رُؤْيَتُكَ!"

رَدَّ الأَبُ وَهُوَ يَتَفَحَّصُ الجَرَعَاتِ وَالأَوْعِيَةِ: "أَرَاكَ تُحَاوِلُ تَحْوِيلَ التُّرَابِ إِلَى ذَهَبٍ."

قَالَ الشَّابُّ بِحَمَاسٍ: "نَعَمْ، سَأَفْعَلُ ذَلِكَ، لَكِنَّ الأَمْرَ يَسْتَغْرِقُ وَقْتًا."

ابْتَسَمَ الأَبُ وَقَالَ: "عِنْدَمَا كُنْتُ فِي عُمْرِكَ، حَاوَلْتُ أَيْضًا تَحْوِيلَ التُّرَابِ إِلَى ذَهَبٍ، وَاكْتَشَفْتُ السِّرَّ."

تَفَاجَأَ الشَّابُّ وَقَالَ: "حَقًا؟"

أَجَابَ الأَبُ: "نَعَمْ، هُنَاكَ مَسْحُوقٌ فِضِّيٌّ يَنْمُو عَلَى ظَهْرِ أَوْرَاقِ المَوْزِ. وَلِإِنْجَاحِ الأَمْرِ، عِنْدَمَا تُزْرَعُ بُذُورُ المَوْزِ، يَجِبُ قِرَاءَةُ تَعْوِيذَةٍ سِحْرِيَّةٍ. وَعِنْدَمَا تَنْضُجُ الثِّمَارُ، يُمْكِنُ جَمْعُ المَسْحُوقِ."

سَأَلَ الشَّابُّ بِفُضُولٍ: "كَمْ نَحْتَاجُ مِنْ هَذَا المَسْحُوقِ؟"

أَجَابَ الأَبُ: "نَحْتَاجُ رَطلَيْنِ مِنَ المَسْحُوقِ."

تَعَجَّبَ الشَّابُّ وَقَالَ: "لَكِنَّ هَذَا يَتَطَلَّبُ مِئَاتِ النَّبَاتَاتِ!"

رَدَّ الأَبُ بِحَسْرَةٍ: "لِهَذَا كَانَ الأَمْرُ صَعْبًا بِالنِّسْبَةِ لِي."

قَالَ الشَّابُّ بِحَمَاسٍ: "أَسْتَطِيعُ أَنْ أَفْعَلَ ذَلِكَ!"

ابْتَسَمَ الأَبُ وَقَالَ: "أَعْلَمُ أَنَّكَ تَسْتَطِيعُ. سَأُقْرِضُكَ مَا يَكْفِي لِاسْتِئْجَارِ أَرْضٍ وَشِرَاءِ بُذُورٍ."

وَبِالفِعْلِ، اسْتَأْجَرَ الشَّابُّ الأَرْضَ، وَزَرَعَ البُذُورَ وَقَرَأَ التَّعْوِيذَةَ السِّحْرِيَّةَ. وَاعْتَنَى بِالنَّبَاتَاتِ يَوْمِيًّا بِحُبٍّ وَجُهْدٍ.

وَعِنْدَمَا نَضَجَتِ الثِّمَارُ، جَمَعَ المَسْحُوقَ الفِضِّيَّ بِعِنَايَةٍ. لَكِنَّهُ اكْتَشَفَ أَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى المَزِيدِ مِنَ النَّبَاتَاتِ لِجَمْعِ الكَمِّيَّةِ المَطْلُوبَةِ. وَبَعْدَ سَنَوَاتٍ مِنَ العَمَلِ الجَادِّ، جَمَعَ الرَّطلَيْنِ مِنَ المَسْحُوقِ الفِضِّيِّ.

بِفَرَحٍ كَبِيرٍ، رَكِضَ الشَّابُّ إِلَى مَنْزِلِ وَالِدِ زَوْجَتِهِ وَقَالَ: "لَدَيَّ مَا يَكْفِي مِنَ المَسْحُوقِ الآنَ!"

ابْتَسَمَ الأَبُ وَقَالَ: "رَائِعٌ! الآنَ أَحْضِرْ لِي دَلْوًا مِنَ التُّرَابِ مِنَ المَزْرَعَةِ، وَأَحْضِرْ زَوْجَتَكَ."

لَمْ يَفْهَمِ الشَّابُّ السَّبَبَ، لَكِنَّهُ فَعَلَ مَا طُلِبَ مِنْهُ. عَادَ مَعَ دَلْوِ التُّرَابِ وَزَوْجَتِهِ إِلَى مَنْزِلِ وَالِدِهَا.

سَأَلَ الأَبُ ابْنَتَهُ: "مَاذَا فَعَلْتِ بِالمَوْزِ بَعْدَ جَمْعِ المَسْحُوقِ؟"

أَجَابَتِ الزَّوْجَةُ: "بِعْنَاهُ، وَهَكَذَا عِشْنَا."

سَأَلَ الأَبُ: "هَلِ ادَّخَرْتِ أَيَّ أَمْوَالٍ؟"

أَجَابَتِ الزَّوْجَةُ: "نَعَمْ، بِالطَّبْعِ." وَعَادَتْ بِحَقِيبَةٍ مَلِيئَةٍ بِالعُمْلَاتِ الذَّهَبِيَّةِ.

قَالَ الأَبُ وَهُوَ يُشِيرُ إِلَى الكَوْمَةِ: "ضَعِيهَا هُنَا." ثُمَّ أَخَذَ دَلْوَ التُّرَابِ وَأَلْقَاهُ بِجَانِبِ الحَقِيبَةِ وَقَالَ لِلشَّابِّ: "كَمَا تَرَى، لَقَدْ حَوَّلْتَ التُّرَابَ إِلَى ذَهَبٍ!"

فَهِمَتِ الزَّوْجَةُ وَقَالَتْ: "لَقَدْ زَرَعْتَ التُّرَابَ وَبِعْنَا المَوْزَ، وَالآنَ لَدَيْنَا ذَهَبٌ!"

ابْتَسَمَ الزَّوْجُ وَقَالَ: "هَذَا نَوْعٌ آخَرُ مِنَ السِّحْرِ."

قَالَ الأَبُ بِحِكْمَةٍ: "بِالفِعْلِ." وَعَادَ الزَّوْجَانِ إِلَى المَنْزِلِ يَدًا بِيَدٍ، وَهُمَا يَشْعُرَانِ بِالسَّعَادَةِ وَالرِّضَا.