الدجاج لا يسبح
في درس العلوم أمس، سألتنا المعلّمة عن أسماء الطّيور المائيّة، الّتي تستطيع السّباحة، وبدأت الإجابات تنهال من التّلاميذ:
«البطّ»... «البجعة» ...«الأوزّ»... «النّورس»...
لم يبق إلّا أنا وابن خالتي لم نرفع أيدينا، فقرّرت متردّدةً أن أجيب لأحافظ على سمعة العائلة، رفعتُ يدي ووقفتُ مرتبكةً، وبصوتٍ خفيض قلت: «الدّجاج»!
حملقت المعلّمةُ بي وهزّت رأسها: «الدّجاج؟! الدّجاج لا يسبح يا عليوة»، أحسّ ابن خالتي ميمو بحرجي، فهبّ لدعمي مؤكّداً بثقة وسط ضحك التّلاميذ: «الدّجاج يسبح يا آنسة، ويغوص أيضاً» وحين زاد الضّجيج حولنا وأفلتت ضحكةٌ من المعلّمة، نظرت أنا وميمو إلى بعضنا بتصميمٍ، ثمّ تابعنا الدّرس.
في المنزل أثمرَ الإلحاح على أهلنا بأن أدار أبي السيّارة واتّجهنا إلى «الضّيعة»، بعد السّلام والتّحيّة هرعت عصابة الأشقياء الثّلاثة إلى «جنينة» البيت تلاحق الدّجاج، لنثبت صحّة نظرّيتنا الخطيرة أمام «قلّة معلومات المعلّمة والتّلاميذ». وبينما نحن وسط سباقٍ ساخنٍ مع الدّجاج، أقبل جدّي فأمسك بدجاجتَين وغاب. ماذا سيفعل «جدي» بالدّجاج!
تسلّلنا إلى المطبخ بعد أن سمعنا صراخاً «دجاجيّاً» قويّاً، وإذ بجدّتي تحمل دجاجةً وتغطّسها بالماء. وما إن رأينا هذا المشهد الرّائع حتّى طِرنا إلى «الخمّ» مشتعلينَ حماسةً وثّقةُ بصحّة كلامنا وخطأ موقف معلّمة العلوم. وبعزم وإصرارٍ لا حدود لهما رحنا نركض خلف الدّجاجات المسكينة التي تقفز تارةً وتركضُ تارة أخرى، محدثةً جلبةً ما بعدها جلبة، حتّى أمسك كلٌّ منّا بواحدة.
«سترون يا عباقرة العلوم... هه» حمَلَنا التّحدّي إلى برميل الماء المركون في إحدى زوايا الجنينة، ومعنا فئران التّجربة، أقصد الدّجاجات، فأخرج حمّود الكاميرا مستعدّاً لالتقاط دليلٍ دامغٍ يثبت نظريّتَنا.
«ميمو... أنت أوّلاً» واحد... اثنان... ثلاثة» وغطست أوّل دجاجة وبدأت فقاعات الماء تتعارك خارجةً من فمها، لم تنجح الصّورة الأولى.
فلنعد الكرّة إذاً... فقاعات وأصوات مزعجة... مممم ماذا سنفعل؟!
رمى ميمو الغطّاسة الفاشلة الأولى وهو يردّد: «يبدو أنّها لم تتعلّم الغطسّ بعد».
فأمسكتُ أخرى وقذفتها في الماء... «هه إنّها ترفرف... صوّر يا حمّود صوّر».
ممتاز والآن حان وقت الغطس... خذي نفّساً عميقاً يا دجاجتي الذّكيّة... وإلى الماااااااء. غطست مرّة مرّتين، صورة صورتين، خمسة.
«ماذا تفعلون يا أولاد؟» ...قالت الجدة.
«ما هذا... أجننتم!؟» صاحت بنا بغضب، شدتنا من آذاننا ومضت بنا إلى الدّاخل.
«كنّا نعلّم الدّجاج الغطس والسّباحة» قلت بصوتٍ خفيض.
فصاح الجميع بصوتٍ واحد: «الدّجاج لا يسبح ولا يغوص»، «ولكنّه يفعل، وبالعلامة كانت الدّجاجة في يد جدتي تغوص في حوض المطبخ» قال ميمو بإصرار.
بعد ساعتين من حبسنا في غرفة النّوم عدنا إلى البيت.
صباح اليوم التّالي، قبل أن تدخل معلّمة العلوم كان كلّ الصّف قد رأى صور الدّجاج السّابح الغوّاص. وما إن دخلت المعلّمة حتّى انهالت الاعتراضات عليها وعلى معلوماتها «الخاطئة».
وطبعاً انتهى الدّرس بخمسِ عصيٍّ أكلها كلّ واحدٍ منّا على يده وسط ضجيجٍ يملأ رؤوسنا وفقاعاتٍ تخرج من أفواهنا صائحةً: «بق بق بقيييييييييييييق... بق بق بقييييييييق».
المصدر: 1
مواضيع تهم الطلاب والمربين
والأهالي
إقرأ أيضاً
قصة للأطفال: بين الفتحة
والكسرة والضمة
قصة حب: موديلياني وحبيبته:
مات السبت فانتحرت الأحد
قصة للأطفال: عندما هربت
أسناني
للمزيد
معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7
مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على
المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل
المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن
شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة
شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث
عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات
وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات
وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق