الأصدقاء
لم يَحِن بعد فصل الخريف، إنّما بدت الأشجار وكأنّها بكت البارحة، نثرت على الأرض أوراقًا كثيرة بألوان وأشكال وأحجام مختلفة وأغصان رفيعة وأخرى غليظة!
كان أحمد وأصدقاؤه قد أنهوا لِتوّهم وجبة الفطور، وخرج كلٌّ من خيمته بعد أن دعاهم محسن إلى مفاجأة سالم الجميلة: أسرِعوا هيّا بنا!
عادل مستفسرًا: ماذا عندك؟ وما اكتشافك الجديد؟
سالم: اكتشفت مكانًا جديدًا لِنلعب ونمرح! انظر إلى الأوراق كم هي كثيرة!
وبينما هم في طريقهم إلى المكان، نبّهه أحدهم بصوت عالٍ: احذر... هل تم تمشيط المكان؟
لا يوجد ألغام، هكذا أخبرني عمّي صالح الحارس، ردّ سالم بِطمأنينة، وأكمل: ما أجمل ألوان الحصى، نريد المزيد وبأحجام مختلفة، لِأب وأمّ وأطفال، وإخوة، بنات وأولاد!
قال أحمد بِحماس: لا تنسَ الجدّ والجدّة، والخال والعمّة... والجيران أيضًا، والمخبز ودكاكين الفواكه والخضر والحلويات.
سبقهم محسن راكضًا للبحث عن الحصى، وعلّق: يبدو أنكم نسيتم المستشفى والمدرسة!
قال سالم: سنتذكّر كلّ شيء أثناء اللعب، وسنخطّط محلًّا للألعاب... ومكتبة، كم اشتقت إلى مكتبة القرية والحكواتي!
فجأة توقّف الحوار!
انظر... هذه أصداف! ترى، كيف وصلت هنا؟ تساءل أحمد، وأجابه سالم بعد أن تفحّصها: هذه حلزونات تتواجد في الأماكن الرطبة.
محسن: حلزونات! وهل يوجد بها كائن؟
قد مات كما مات الكثيرون! يضع سالم صدفة الحلزون المنكسرة مع الحصى.
قال أحمد مندهشًا: انظروا إلى قطع القماش البالية! إنها جافّة وممزّقة...
سالم: ماذا يمكن أن نصنع منها؟ وكيف نقسّمها بيننا؟
أحمد: نقسّمها في المخيم، ونصنع منها أغطية للبرد القارس.
وجدتُ قطعًا ورقية سميكة! يصرخ محسن فرحًا، ويكمل: إنها تصلح لِعمل بيت كبير بِسقف قوي.
اكتفى الأطفال بما جمعوا، وبدؤوا اللعب بِمرح وسرور، صنعوا البيت، والدمى المختلفة من الحصى والأوراق والأغصان وبعض الريش والأصداف.
في هذه الأثناء قدِم طفل من المخيّم يمشى ببطء قد أرشدته سيّدة إلى مكانهم، جلس على صخرة بالقرب منهم، قال له عادل: لقد صنعنا دمى جميلة تحكي قصصًا لم تسمعها من قبل! ربما تجد شيئًا مختلفًا، علّق سالم، لكن الطفل لم يجب.
انشغل الأطفال، يحكي كلّ منهم قصّة بطل من صنعه.
وفجأة صاح الطفل: انظروا حلزونة تتحرّك! ما أجملها!
ترك الأطفال مكانهم: إنها حيّة... إنها حيّة...
وتحوّل اهتمامهم جميعًا باتّجاه الحلزونة الصغيرة:
- لا يلمسها أحد، اتركوها تعيش بِسلام.
- ربما جاءت تفتّش عن طعام.
- لا تأخذوا صدَفَتها.
- ربما تبحث عن أمّها أو أبيها.
قال الطفل في نفسه: تبدو وحيدة مثلي.
وعلّق سالم: ربما يخاف أهلها من الظهور، اطمئن يا حلزون، أخبرْ أهلك أنّنا لن نؤذيك ولن نؤذيهم، نحن لا نؤذي الكائنات أبدًا، نحن لا نؤذي أحدًا أبدًا.
رسم الطفل بالغصن الحلزونة وأمّها وأباها على التراب بعد أن مضت، فبدأت تعليقات الأطفال تتتالى، وسبقهم سالم قائلاً: ما أجمل هذا الرسم!
- لدينا لوحة هناك لم تكتمل في سور المخيّم.
- وزهور بحاجة إلى تلوين رسمت على الحائط.
اقترحوا عليه أن يرسم الحلزونة وعائلتها على الحائط، وأراد محسن أن يشجّعه، فقال: نحن نرسم على التراب ما لا نحب، لأنها رسوم تختفي سريعًا، نقفز عليها، ويدوس عليها المُشاة، إننا نرسم الأعداء على الأرض ونرسم أحلامنا الجميلة هناك، ونلوّنها.
حين عزموا على ترك المكان سأل عادل عن الدمى، فقال له أحمد: هيا لِنجمعها في الصندوق، تداركه سالم وبثقة أجاب: لِنتركها كما هي، إنها بأمان، تنتظر حكايات أخرى سعيدة تعيشها بسلام.
أكمل الأصدقاء بِصوت واحد: نعم... ونحن ننتظر تلك الحكايات السعيدة التي نصنعها معاً.
المصدر: 1
مواضيع تهم الطلاب والمربين
والأهالي
إقرأ أيضاً
قصة
ملهمة: هيلين كيلر الطفلة والملاك
قصة
للأطفال: سامي وجعبول ومرش الماء
قصة
مخيبة: ذابت بفمه مثل السكر
للمزيد
معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7
مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على
المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل
المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن
شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة
شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث
عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات
وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات
وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق