أدار أحد الملوك طرفه من
شرفة قصره فرأى دكاناً لإسكافيٍّ قبالته، فامتعض من ذلك المنظر القبيح، وأراد طرد
الإسكافي، إذ كيف يجرؤ ذلك الحقير أن يقترب من عرين الملك، وخاصة أنّ روادّه من
الفلاحين الفقراء المساكين.
لكن الملك خشيَ أن
تنتقده الرعية إن أقدم على ذلك العمل الشنيع وقطع رزق عائلة تأمل خيراً من ملكها المعظم.
استدعى الملك وزيره وعرض عليه الأمر، قال
الوزير الخبيث: اطلب من الإسكافي طلباً مستحيلاً فلا يقدر عليه فتطرده بذنب، فتُعذر
من الرعية.
استدعى الملك الإسكافي على جناح السرعة وأعطاه
بلاطة صماء وقال له: أريد أن تصنع لي من هذه البلاطة حذاءً تتحدث عنه الرُكبان،
ومعك ثلاثة أيام وإلا....
خرج المسكين إلى دكانه حزيناً كئيباً، إذ
كيف يصنع حذاءً من بلاطة!
مَرَّ يومان والإسكافي في حيرةٍ وذهولٍ وخوفٍ
وهلعٍ موقناً بالهلاك وأقله التشرد والعوز، مر عليه أحد كبار السن ممن عجنته
التجارب وعرف الحيل والمكائد، وكان يرتاد الدكان من حين لآخر، فعرف قصة المسكين مع
الملك فقال له: هون عليك يا بني، خذ كيساً صغيراً واملأه بالرمل، وقل للملك أن
يغزل لك من الرمال خيطاناً حتى تخيط بها الحذاء المطلوب.
انفرجت أسارير الإسكافي وذهب مسرعاً إلى
الملك وطلب منه غزل الرمل.
قال الملك: كيف لهذه الرمال أن تصبح
خيطانا؟
فقال الاسكافي: كيف لهذه البلاطة أن تصبح حذاءً؟
أُفحم الملك وترك الاسكافي وشأنه ولام الوزير على مشورته الرعناء.
إقرأ أيضاً
للمزيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق