كان ضابط البحرية
السوفييتي "فاسيلي أركيبوف" ذو 34 سنة واحداً من بين ثلاثة ضباط مسؤولين
على متن غواصة B-59
في 27 تشرين أول سنة 1962، عندما تلقت أمراً من القيادة السوفييتية بأن تتوقف في
البحر الكاريبي، على بعد مسافة قصيرة من الحاجز الأمريكي الذي كان يحيط بكوبا،
وكانت مهمة الغواصة تتمثل في توفير الدعم اللازم لعملية إنزال سري لبعض الأسلحة
على الجزيرة.
من أجل إخفاء موقعها عن
رادارات الأمريكيين، قبعت الغواصة عميقاً في البحر، لكن ليس عميقاً بما فيه
الكفاية؛ تمكنت البحرية الأمريكية من رصد وجود الغواصة السوفييتية وبدأت تُلقي من
بوارجها بشحنات متفجرة غير قاتلة في الأعماق من أجل إثارة فزع الطاقم وحَمْل قادته
على الطفو إلى السطح من أجل تحديد هويتها، وما كان الأمريكيون يجهلونه آنذاك هو أن
الغواصة B-59
كانت مسلحة بشكل مخيف، حيث كان على متنها صاروخ نووي بنفس قوة قنبلة هيروشيما
التدميرية.
عندما غاصت الغواصة B-52 إلى الأعماق، فقدت جميع اتصالاتها مع السطح؛ لم تكن تملك أي وسيلة
للتواصل مع العاصمة موسكو من أجل تلقي الأوامر. بسبب كل تلك الاهتزازات التي كانت
تسببها الشحنات التفجيرية الأمريكية التي كانت ترمي بها من السطح، والتي افترض
السوفييت أنها كانت هجومات حقيقية، ولعجزهم عن التواصل مع أيٍّ كان على السطح، قرر
اثنان من الضباط الثلاثة على متن الغواصة إطلاق الصاروخ النووي المجهز على متنها.
من أجل إطلاق ذلك الطوربيد المدمر، كان
يتعين على جميع الضباط والقادة الثلاثة على متنها أن يتفقوا على رأي واحد وأن
يوافقوا على قرار إطلاقه.
بقي "فاسيلي أركيبوف" الضابط
المسؤول الثالث في الغواصة هادئاً ومحافظاً على برودة أعصابه خلال كل تلك المحنة، فقد
كان يشتبه في أنها لم تكن هجومات صريحة بل كانت مجرد حيلة لحمل الغواصة على الطفو
إلى السطح.
لقد كان تفكيره سليماً مائة في المائة،
فبعد الانتظار لطول المدة التي سمح بها مخزون الوقود والأكسجين على متن الغواصة،
طافت الغواصة إلى السطح لتجد نفسها وسط السفن الحربية الأمريكية، لكن ليس في وضعية
حربية.
عادت الغواصة أدراجها إلى روسيا، وتركت
الأمريكيين على جهالة تامة بالخطر الذي كان يحدق بهم، ذلك أنهم كانوا قد تفادوا
لتوهم هجوماً نووياً كان سيعصف بهم دون علمهم، وذلك كله بفضل البطل الحقيقي "فاسيلي
أركيبوف".
إقرأ أيضاً
للمزيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق