تقدمت بطلب لجوء في مدينة دورتموند الألمانيّة في خريف
العام 2011، تم ارسالي آنذاك إلى بناء ملحق بمركز تقديم اللجوء. وهناك تمّ، بشكل
مؤقت ولمدة أسبوع، وضعي في غرفة صغيرة مع خمسة أشخاص قادمين من نيجيريا، وذلك حتى
يتم نقلي إلى أحد مخيمات اللجوء.
دخلت إلى الغرفة أحمل بعض الخوف في قلبي. كانت الغرفة
فارغة تمامًا. انتظرت قليلًا. لم يأت أحد. خرجت إلى الحديقة الملحقة بالبناء.
مساءً عدت إلى الغرفة فوجدت الشبان مجتمعين يتحدثون بصوت عال ويضحكون. عمّ الصمت
بعد دخولي الغرفة. قلت لهم بالإنكليزيّة إنّهم أرسلوني إلى هنا.
سألني
أحدهم: هل أنت مسلم؟ كانت تلك الجملة الأولى التي وّجهت إلي من قبلهم. لم أتفوّه
بأي جواب، ثمّ دار بيننا حوار تعارف قصير.
في
اليوم التالي تحدث إليّ أحدهم، وهو من أكثر الأشخاص الذين أثّروا في حياتي لاحقًا،
قال لي إنّهم مسيحيون هاربين من الميلشيات المسلمة التي دمرت قراهم وقتلت الكثير
من عائلاتهم وأقربائهم، لذلك يخافون المسلمين وكان هذا سبب سؤالهم لي عن ديني.
وقال لي إنّ ديني لا يهمهم لكنه سؤال لا إرادي فحتى لو كنت مسلمًا فهذا لن يغير من
تعاملهم معي لأنّ الدين أخلاق ومعاملة. أذكر أنّنا تحدثنا طويلًا. كان من أشد
الناس لطفًا.
لاحقًا
تمّ إرساله إلى مدينة ميونخ. كان الحديث المتداول بين اللاجئين حديثًا حينها إنّ
ميونخ مدينة عنصريّة لا تحب اللاجئيين وخاصة ذوي البشرة السوداء. قلت له ذلك.
فقال: يا صديقي لقد نجوت من مجازر رهيبة، ومن ثم قطعت الصحراء وبعدها البحر ومررت
بنصف الدول الأوروبيّة من أجل الوصول إلى هنا والبدء بحياة جديدة، لا تخف لن
يمنعني بعض العنصريين عن تحقيق حلمي.
لاحقًا
افترقنا بعد وداع يشبه وداع أصدقاء عاشوا سوية عشرات السنين. الآن كلما أشاهد
مباراة للمنتخب النيجيري أفكر بصديقي وأقول لنفسي إنّ الحياة محطات وأشخاص مؤثرون،
ويا لحظي من الدنيا التي أكرمتني بلقاء أشخاص مثل "إكامبا".
المصدر:
دلير يوسف https://raseef22.com
مواضيع
تهم الطلاب والمربين والأهالي
قصص
للأطفال وحكايات معبّرة
للمزيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق