في بداية إقامتي في مصر لم يكن لدي عمل ولم يكن معي من
المال ما يعينني في حياتي اليوميّة. أرسلت لي أمي من العراق مبلغًا صغيرًا من
المال، لكن المبلغ مهما كان صغيرًا فهو كثير في مصر الرخيصة، كان هذا في عام 2011،
عام الثورة. أعطت أمي المال لشخص في بغداد الذي اتصل مع شخص في القاهرة ليسلمني
المبلغ. لم أكن أعرف القاهرة جيدًا فاضطررت إلى إيقاف سيارة أجرة تأخذني إلى
المكان المطلوب. تعجب السائق من هيئتي ومن طلبي الذهاب إلى ذلك المكان، تأكد من
العنوان أربع مرات أثناء توجهنا إلى هناك.
كان المكان يقع تحت جسر في حيّ فقير بعيد عن مركز
المدينة، وكان يبدو مثل موطن تجار الحشيش والبلطجية مثلما نراهم في الأفلام
المصريّة القديمة. انتظرت الرجل الذي سوف يسلمني المال لربع ساعة في الشارع
والسائق ينتظرني على الطرف المقابل. خلال هذه المدة القصيرة تحرّش بي بعض فتيان
الحيّ وبعض الفتيات التي أنقذني منهم السائق. قال لي: انتبه منهم، هؤلاء بلطجية
صغار.
بعد
أن استلمت المال طلبت من السائق إعادتي إلى مركز المدينة. خلال رحلة العودة سألني
عمّا فعلته هناك. دبّ الخوف في قلبي وخفت أن يوقف سيارته على الطريق الدائري ويشهر
سلاحًا ليأخذ مني نقودي ويتركني هناك إذا ما أخبرته بأنّني أحملُ مقدارًا من
المال، لذلك قمت باختراع قصة عن إصابة أمي بالسرطان وعن وجودي في القاهرة من أجل
العمل ومساعدة أمي في العلاج، وإنّني جئت إلى هنا من أجل إرسال بعض المال إليها.
تأثر
السائق بقصتي كثيرًا وبعد إنتهاء جولتنا رفض أخذ نقود مني وقال إنّ هذه مساهمته في
علاج أمي. كان المبلغ الذي يريده مني يساوي مئتي جنيه مصري، وكان ذلك مبلغًا
كبيرًا. قَبِل مني النقود بعد حوالي ربع ساعة من النقاش بيني وبينه. ذلك الرجل
بطيبته وشهامته جعلني أحبّ مصر أكثر. وها أنذا أرتدي قميص محمد صلاح أثناء مباريات
كأس العالم وأطبخ طعامًا مصريًا لأصدقائي الألمان في أيام مباريات مصر.
دلير
يوسف
تابعونا على الفيس بوك
مواضيع تهم الطلاب والمربين والأهالي
قصص للأطفال وحكايات معبّرة
للمزيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق