يحكى أنه في قديم الزمان
كان هناك قط لطيف اسمه خفيف، يتصف بحركاته البهلوانية وخفة روحه، كان خفيف هذا قطاً
نحيف الجسم رائعًا، تعرّف على سمكة اسمها مرجانة، يلعب معها ويداعبها وهي تتمايل
في وعاء ممتلئ بالماء، يراقب حركاتها ويلهو معها ويتحدث إليها وتحدثه هي... لم تكن
مرجانة خائفة من خفيف ذلك القط اللطيف الذي طالما غنى لها "أنا خفيف، قط لطيف، أحب مرجانة شتاء وصيف".
في البداية لم تكن تثق
فيه وكانت خائفة منه، لكن بمرور الأيام صارت تبادله نفس المشاعر وتحبه، بل كانت
معجبة به عندما يلهو أمامها بحركاته البهلوانية وموائه الجميل...
مرجانة سمكة لطيفة أيضًا
وتتصرف معه بلباقة وعفوية، في يوم ما قالت له: يا لك من قط جميل يا خفيف، إنك
تعجبني فهل تقبل صداقتي؟
ابتسم خفيف وقال لها: حتى
أنت يا مرجانة تعجبينني كثيرًا، فأنا عندما أراك تتموجين في الإناء اسعد كثيرًا...
وأنا صديقك من زمان...
فرحت مرجانة بهذا الكلام
وقالت في نفسها: إنه حقاً قط مؤدب، وصارت تغني هي الأخرى له: "أنا السمكة
مرجانة معجبة بقطي".
في البيت توجد عجوز تعيش
معهما وتراقب تصرفاتهما، فكانت لا تدري ما تفعله، تارة تطرد القط من البيت، وطورا
تقوم بتغيير مكان الإناء الذي يوجد فيه السمكة في مكان منزوٍ خوفا على السمكة من
أن يأكلها القط اللعين في نظر تلك العجوز التي تقطن البيت.
فقررت أن تفرق بينهما،
والفراق يجعل السمكة مرجانة تحزن حزنا شديدًا على فراق قطها المحبوب خفيف ونفس
الشيء بالنسبة للقط خفيف يحزن هو الآخر عن فراق حبيبته مرجانة.
وهكذا قامت العجوز
بتفريقهما.
أصبح خفيف يعيش خارج
البيت في البرد بسبب طرد العجوز له، وأصبح أيضًا يعاني شدة الألم وكثرة اشتياقه
لمرجانة السمكة، وهكذا يبقى طول الليل ينادي بصوت حزين: مياو مياو أين أنت يا
مرجانة؟ ماذا تفعلين؟ هل أنت بخير؟ ...
وبما أن الليل كله سكون فإن
مرجانة تسمع مواءه فتتألم ويتقطع قلبها حزنا فتراها تقول: إنه لمسكين خفيف، يعاني
من شدة البرد بسببي، يارب ارحمني فأنا المذنبة، وأنا السبب في تشرده ومعاناته...
ظلت مرجانة السمكة تفكر
في خفيف القط وتحاول إيجاد فكرة لإنقاذه، وبقيت على تلك الحالة أيامًا طويلة إلى
أن خطرت ببالها حيلة لتنقذ صديقها القط...
وبينما العجوز تهم برش
الطعام في الإناء للسمكة، تظاهرت بأنها ميتة وظلت تطفو على سطح الماء، لاحظت
العجوز أن السمكة ليست بمظهرها العادي، ولا تتحرك كعادتها فارتبكت حائرة، وأخذت
تحركها، لكن السمكة ظلت صامدة متظاهرة بأنها ميتة، أصاب الذعر العجوز وهي التي تحب
السمكة حبًا جمًا مثلما هي تحب قطها خفيف.
ظنت العجوز بأن السمكة
ربما قد ماتت، فأمسكتها بيدها، وفجأة تحركت السمكة، فرحت العجوز كثيرًا بسلامتها،
وقالت الحمد لله أنك بخير يا سمكتي، ردت السمكة قائلة شكرًا لك سيدتي، أرجو أن
تسمحي لخفيف القط بالدخول إلى البيت، وإلا سأقتل نفسي وأموت حزنًا.
فردت عليها العجوز: أنا
كنت خائفة عليك يا سمكتي العزيزة، فالقط ليس فيه أمان و سيلتهمك في يوم ما، قالت
السمكة: حياتي بيد الله لا أخاف الموت فكل كائن حي نهايته تكون موتًا.
وافقت العجوز على طلب
السمكة مرجانة وأرجعتها إلى الإناء، ثم أسرعت إلى فتح الباب تاركة القط خفيف يدخل...
دخل خفيف البيت فرحًا
مسرورًا، وهو يغني "مياو مياو أنا جئت يا مرجانة مياو مياو"
سعدت السمكة مرجانة بسماع
صوت صديقها القط وفرحت كثيرًا.
وأصبحا يعيشان معًا في
بيت واحد يجمعهما الود و المحبة، أما العجوز فقد كانت سعيدة بهما حيث اكتشفت أنهما
يحبان بعضهما البعض، ومنذ ذلك الحين أصبح كل من العجوز والسمكة مرجانة والقط خفيف
يعيشون في كنف الثقة و الأمان والوئام.
رضا
سالم الصامت
تابعونا على الفيس بوك
مواضيع تهم الطلاب والمربين والأهالي
قصص للأطفال وحكايات معبّرة
إقرأ أيضًا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق