الصفحات

الأربعاء، 15 أكتوبر 2014

• قصة للأطفال: الخريف والصيف في بيت ليلى

          بينما كانت ليلى ترتب كتبها في المحفظة، استعداداً للعودة إلى المدرسة، سمعت من يقرع الباب بهدوء ونعومة. أسرعت ليلى وفتحت باب المنزل فرأت أمامها شاباً وسيماً يرتدي معطفاً من الغيوم، وقد تبلل شعره ببعض قطرات المطر.
          من تكون أيها الشاب وماذا تريد؟

          قال الشاب: أهكذا تستقبلين الضيوف يا ليلى؟
          تعجبت ليلى وقالت: ولكنني لا أعرفك، من أنت أيها الشاب؟
          قال الشاب: سأقول لك من أكون ولماذا أنا اليوم أزور أصدقائي الصغار.
          فتحت ليلى الطريق أمام الشاب بعد أن استأذنت أمها، فدخل واختار مكاناً له قرب النافذة التي تطل على الحديقة.
          جلست ليلى أمامه وقالت: هيا، قل لي من تكون.
          قال الشاب: حسناً، لن أقول لك اسمي فأنت كما أعرف فتاة ذكية، ويجب أن تعرفي من أكون.
          قالت ليلى: لا وقت عندي، أنا الآن مشغولة بكتبي، فبعد أيام ستفتح المدرسة أبوابها.
          وقف الشاب أمامها، وقال: لا تغضبي يا ليلى، سأساعدك في عملك فأنا جئت لأخبر أصدقائي الصغار بأن الصيف قد ولى، وأن المدرسة مشتاقة إليكم كثيراً.
          قالت ليلى: آه لقد عرفتك، لاشك أنك ناظر المدرسة الجديد.
          هز الشاب رأسه نافياً أن يكون ناظر المدرسة الجديد.
          قالت ليلى: إذن أنت ناطور الضيعة الجديد!
          ضحك الشاب وقال: سأساعدك يا ليلى لتعرفي من أكون، فأنا يا ليلى سأبقى عندكم ثلاثة أشهر فقط، بعدها سأترككم، وسأغيب عنكم تسعة أشهر طويلة. لقد حملت معي بعض الغيوم لأزرعها في السماء، وبعض أقلام التلوين لألوّن أوراق الأشجار بالصفرة والذهب.
          فكرت ليلى، حكت رأسها طويلاً وقالت في نفسها: هل يكون بائعاً متجولاً عندنا.. ولكن الغيوم لا تباع، سأدعه يكمل وسأعرف من يكون.
          قالت ليلى: هيا أكمل لي أيها الشاب، ماذا تفعل أيضاً خلال هذه الأشهر الثلاثة؟
          أجاب الشاب الذي يلبس معطف الغيوم: بعد أيام أجعل الغابات ملونة، وأقود الريح أمامي، لتقطف أوراق الشجر، وبعد أيام ستهطل الغيوم حبيبات صغيرة من المطر لتروي الأرض العطشى، وبعد أيام تهاجر العصافير إلى الأماكن الدافئة ويعود أصدقائي الصغار إلى مدارسهم، وهم يلبسون ثيابهم الصوفية.
          صمت الشاب فسمعت ليلى قرعاً على الباب. أسرعت ليلى باتجاه الباب، وهي تقول: مهلاً أيها الشاب، سأعرف من تكون ولكن دعني أفتح باب البيت لأرى من في الخارج.
          فتحت ليلى الباب فرأت رجلاً مسناً أكلت الشمس لون وجهه فصار أسمر كالحاً، وكان يحمل سلة كبيرة من الثمار على ظهره، وتحت إبطه يضع عصا الرحيل.
          مد العجوز يده ليصافح ليلى فتطلعت إلى عينيه فرأت دمعتين صغيرتين تتدحرجان فوق خديه الأسمرين، فقالت للعجوز: لم تبك أيها العجوز الطيب؟
          فقال لها العجوز: جئت أودعك يا صديقتي ليلى، فأنا مسافر تسعة أشهر طويلة، أتمنى أن تتذكري هذه العطلة التي قضيناها معاً ومع الأصدقاء الصغار.
          تقدمت ليلى من العجوز، غمرته بذراعيها وبكت، أمسك العجوز عنقوداً من العنب وأهداه ليمنى، ثم لوّح بيده مودعاً.
          وقفت ليلى على الباب، ودعت الرجل العجوز حتى غاب بين الغيوم والبساتين التي صارت أوراقها فضية وصفراء. مسحت دموعها ودخلت غرفتها فلم تجد الشاب، قالت ليلى: أيها الشاب، لقد عرفتك أين أنت؟
          أسرعت ليلى إلى النافذة، فرأت الشاب يمسح السماء بذراعيه فيفرشها غيوماً ويعانق الأشجار فيجعل أوراقها ذهبية.
          قالت ليلى: أيها الخريف، سأكون صديقتك ثلاثة أشهر مثلما كنت مع الصيف، لقد لهوت كثيراً والآن سأدرس معك كثيراً.
          لكن الخريف كان يمشي بين الحقول وهو يلحن أغنية جميلة عن الغيوم والمطر وأصدقائه الصغار الذين سيعودون إلى المدرسة.

 تابعونا على الفيس بوك 
مواضيع تهم الطلاب والمربين والأهالي
قصص للأطفال وحكايات معبّرة
إقرأ أيضًا

 

للمزيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق