تزوج الحجاج بن يوسف الثقفي من امرأة اسمها هند
رغمًا عنها وعن أبيها، وذات مرة وبعد
مرور سنة جلست هند أمام المرآة تندب حظها وهي تقول:
وماهنـد إلا مهرة عربية ... سـليلة أفـراس تحللها بغل
فأن ولدت مهرًا فللّه درّها ... وإن ولدت بغلاً فوالده البغل
فسمعها الحجاج فغضب، فذهب إلى خادمه عبدالله بن
طاهر وقال له: إذهب إليها وبلغها أني طلقتها في كلمتين فقط، لو زدت ثالثة قطعت
لسانك، وأعطها صداقها هذه العشرين ألف دينار.
فذهب إليها الخادم وقال لها: "كنتِ
فبنتِ"... (كنتِ زوجته، فأصبحت طليقته).
ولكنها كانت أفصح من الخادم فقالت: "كنا فما سعدنا...
وبِنّا فما أسفنا". وقالت خذ هذة العشرين ألف دينار لك بالبشرى التي جئت بها.
وقيل أنها بعد طلاقها
من الحجاج لم يجرؤ أحد على خطبتها، وهي لم تقبل بمن هو أقل من الحجاج مركزًا.
فأغرت بعض الشعراء بالمال، فامتدحوها وامتدحوا
جمالها عند الخليفة عبد الملك بن مروان، فأعجب بها وطلب الزواج منها، وأرسل إلى عامله على الحجاز ليصفها له، فارسل له أنها
فائقة الجمال...
فلما خطبها وافقت وبعثت الية برسالة تقول: إعلم يا
امير المؤمنين أن الإناء ولغ فيه الكلب، فلما قرأ عبد الملك الكتاب ضحك من قولها
وكتب إليها يقول: إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعًا إحداهن بالتراب،
فاغسلي الإناء يحل الاستعمال. فلما قرأت كتاب أمير المؤمنين لم يمكنها المخالفة
فكتبت إليه بعد الثناء عليه يا امير المؤمنين والله لا أحل العقد إلا بشرط، فإن
قلت ما هو الشرط قلت أن يقود الحجاج محملي من المعرة إلى بلدك التي أنت فيها،
ويكون ماشيًا حافيًا بحليته التي كان فيها أولاً، فلما قرأ عبد الملك ذلك الكتاب وافق
وأمر الحجاج بذلك...
وبينما الحجاج يسوق الراحلة، إذا بها توقع من يدها
دينارًا متعمدة ذلك، فقالت للحجاج: "يا غلام لقد وقع مني درهمًا فأعطنيه".
فأخذه الحجاج وقال لها إنه دينار وليس درهمًا..
فنظرت إلية وقالت: الحمد لله الذي أبدلني بدل
الدرهم دينارًا... (تقصد أنها تزوجت خيرًا منه).
ففهمها الحجاج وأسرَّها في نفسه.
وعند وصولهم، تأخر الحجاج في الاسطبل، والناس
يتجهزون للوليمه، فأرسل إليه الخليفة يطلب حضوره لتناول الطعام.
فرد عليه قائلاً: "ربتني أمي على ألا آكل
فضلات الرجال".
ففهم الخليفة قصده، وأمر أن تدخل هند أحد القصور
ولم يقربها أبدًا، إلا أنه كان يزورها كل يوم بعد صلاة العصر.
فعلمت هند سبب عدم دخوله عليها، فاحتالت لذلك وأرسلت
إليه أنها بحاجه له في أمر ما، وأمرت الجواري أن يخبروها بقدومه، فتعمدت قطع عقد
اللؤلؤ عند دخوله، ورفعت ثوبها لتجمع فيه اللآلئ، فلما رآها عبد الملك وقد برزت مفاتنها... أثارته روعتها
وحسن جمالها، وتندم لعدم دخوله بها لكلمة قالها الحجاج.
فقالت وهي تنظم حبات اللؤلؤ: "سبحان الله".
فقال عبد الملك مستفهمًا: لم تسبحين الله؟
فقالت: إن هذا اللؤلؤ خلقه الله لزينة الملوك.
قال: نعم.
قالت: ولكن شاءت حكمته ألا يستطيع ثقبه إلا الغجر.
فقال متهللاً: نعم والله صدقتِ.. قبّح الله من لامني
فيك، ودخل بها من يومه ذاك...
وهكذا غلب كيدها كيد الحجاج....
وهكذا غلب كيدها كيد الحجاج....
تابعونا
على الفيس بوك
مواضيع تهم الطلاب
والمربين والأهالي
قصص للأطفال
وحكايات معبّرة
إقرأ أيضًا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق