الصفحات

الأحد، 22 يونيو 2014

• قصة للأطفال: الأرنب والقطة والسلحفاة والفيل والطائرة





زينة بنت صغيرة عمرها عشر سنوات.. تحب الطيور والزواحف والحيوانات. في أوقات فراغها - بعد استذكار دروسها – تجالس بعض ما تملكه منها، وتحكى لها الحكايات، وتستمع إلى حكيها، فهى الوحيدة في الأسرة التي تفهم لغتها، وتستمتع بطريقتها في الحكي، حيث تتراقص أجسامها في حركات تعبيرية، ثم تسجل في كراستها ما تراه وما تسمعه منها. والآن نقرأ ما كتبته:

  في منزلنا ثلاثة أصدقاء لي: أرنب.. وقطة.. وسلحفاة. الأرنب سريع الحركة.. سريع الكلام سريع الزعل.. يفرح بسرعة، ويغضب بسرعة كطفل مدلل، مشاغب.. ودائم الاهتمام بمراقبة أسرتي ومن يزورنا من الأقارب والمعارف ولا يسمح لهم بلمس باستثنائي أنا. أما قطتي فهي دائمًا شاردة وكأنها تفكر في أشياء تشغلها، ويظهر هذا بوضوح عندما تقفز لتجلس على نافذة غرفتي وتراقب البيوت المجاورة بسكانها.. والشارع وحركة الناس والمركبات.
  في يوم أصابها فزع شديد جعلها تنتفض وكادت تقع من النافذة عند سماعها صوتا هادرًا مخيفًا، ورأت شيئًا ضخمًا جدًا يعبر السماء بسرعة.. بعد لحظات تماسكت وهي تكتم خوفها ودهشتها وعرفت أنها تحاول الاستفسار مني: ما هذا الشيء الضخم الذي مر في السماء.. هل هو العفريت الذي يحكي عنه البعض.. يحكي عنه بعض الأولاد؟! ضحكت وأخبرتها: لا يوجد شيء اسمه «عفريت»، أما الصوت الذي أخافك  وشاهدتيه هو «طائرة».. هزت قطتي ذيلها وقالت: آه فهمت.. أنت تقصدين أنه طائر كبير. بهدوء حاولت تصحيح معلوماتها، فأخبرتها أن الطائرة من صنع الإنسان، وهي واحدة من أحلامه الكثيرة التي سعى إلى تحقيقها  بالعلم إلى أن تحققت.
وباختراعها اختصرت مسافات النقل والانتقال والسفر بين القارات والبلدان وبعضها، فوفرت الكثير من الوقت. هزت قطتي رأسها لتؤكد فهمها لما سمعته، وسألتني في دهشة: وكيف كان يتنقل البشر قبل هذا الاختراع العجيب؟! فأخبرتها أنهم كانوا يستعملون الإبل والأحصنة والحمير.. والمراكب والسفن. انكمشت قطتي واتجهت بوجهها ناحية الشارع الذي تراه من النافذة.
  في ليلة شتوية حكى أرنبي الصغير حكاية عن عائلته كان قد حكاها له والده عن أحد أجداده من الأرانب واسمه: «السريع أبو عقل فاضي» وهذا الاسم التصق به لأنه يلغي عقله ولا يفكر في أي قرار يتخذه.. كان ضمن ما يريده ويتمناه أن يمتلك قطعة أرض يزرعها ويبني عليها قصرًا صغيرًا ويتزوج فيه ويكون أسرة سعيدة، لذلك سعى إلى قصر الفيل العجوز الضخم لطلب المشورة منه، فأخبره الفيل العجوز بأنه لو عمل عنده بإخلاص سيحقق له أمنيته، فوافق على الفور دون أن يعرف المدة التي سيقوم فيها بالعمل للحصول على ما وعده به الفيل العجوز، فالتحق فورًا بخدمته، وظل شديد الإخلاص في عمله، لدرجة أنه نسى الاهتمام بنفسه، فبدأ يمرض وتقل لياقته في الحركة، فنصحه بعض أقاربه أن يهتم بصحته لأنه أخطأ بالعمل عند الفيل دون أي عقد يحدد مدة عمله مقابل وعده بمنحه قطعة الأرض التي وعده بها، وتذكر أنه كلما تكلم مع الفيل متسائلاً عن الوقت الذي سيحصل فيه على الأرض، كان يتهرب منه ويهز رأسه، قائلاً: «عن قريب إن شاء الله».. إلى أن وهن جسمه وهاجمته الأوجاع وفقد القدرة على العمل، فاضطر الفيل إلى منحه قطعة الأرض التي كان قد وعده بها، ولكنه كان قد أصبح لا يستطيع الحركة للعمل أو زراعة الأرض وعرفت مجموعة من القرود بحكايته ففوجئ ذات صباح بهم وقد احتلوها وتم طرده.
 وفجأة تذكرت الفراشة التي دخلت من شباك حجرتي، أخذت تتخبط وهي ترقص في طيرانها خائفة.. وقرأت الدهشة على وجه سلحفاتي لأنها كانت المرة الأولى التي ترى فيها فراشة ملونة ترفرف في الجو وكأنها ترقص، فسألتها: كيف دخلت من النافذة! ردت الفراشة: بجناحي.
  قالت سلحفاتي للفراشة: أريد أن أطير وأرقص مثلك. ضحكت الفراشة قائلة: لايمكنك، فأنت تمشين على الأرض بأقدامك مثل التمساح والبقرة.. والخراف.. وأنا أطير مثل العصافير والغربان والحمام، لأننا نعتمد على أجنحتنا في الطيران.
 تأملت سلحفاتي الفراشة وهي ترقص.. وقالت لنفسها:  الفراشة لا تستطيع الرقص على الأرض مثلي.. وأنا لا أستطيع الطيران مثلها.
علق أخي على حكايتي قائلا: إن سلحفاتك قنوعة، لم تتمن أن تكون غير نفسها.
أغلقت زينة كراستها وهي تتأمل أرنبها.. وقطتها وسلحفاتها، ثم فتحت كراسة جديدة، كتبت في أول صفحاتها: «من المهم أن يتساءل كل كائن لما يراه أو يسمعه فيندهش ويسأل ويتساءل ليحصل على إجابات لما لا يعرفه ويكتسب معلومات جديدة، فيبدأ في تشغيل عقله وهو يراقب ما حوله كما فعلت قطتي.. وأسعدني قناعة سلحفاتي التي لم تحسد الفراشة أو تصاب بالغيرة منها.. ولكني حزنت على «جد والد أرنبي».. الذي أفنى عمره في خدمة غيره لتحقيق أمنيته، وأبطل تشغيل عقله معتمدًا على غيره، فأهمل الاهتمام بصحته، ولم يستمتع بثمار حلمه عندما تحقق لأن غيره كان قد استولى عليه.

تابعونا على الفيس بوك
مواضيع تهم الطلاب والمربين والأهالي
قصص للأطفال وحكايات معبّرة
إقرأ أيضًا

 

للمزيد


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق