الصفحات

الجمعة، 7 يونيو 2013

• قصص الأطفال: الشبل الصغير




هذه سلسلة من القصص، تصلح للأطفال في مختلف مراحل العمر، وفي كل قصة عبرة وموعظة، وعلى الطفل حين يقرأ القصة أن يسأل نفسه، أو حين تقرأ الأم القصة لابنها في وقت لهوه أو قبل النوم أن تسأله:  أين حدثت هذه القصة؟ ومتى حدثت؟ من هي الشخصيات الواردة في القصة، ومن هي الشخصية الرئيسية؟ وما هو الدرس الذي نتعلمه من هذه القصة؟

      قصة الشبل الصغير
     
          لا أدري لماذا لا تستطيع أمي أن تدرك أنني أصبحت قادرًا على اختيار أصدقائي بنفسي، لم أعد ذلك الشبل الصغير الذي يتقافز حول أمه وهي تجر له بقايا الطعام المتبقي من أبي (ملك الغابة).

          تنهرني حين أحاول تقليد أبي وهو يزأر، تخشى على صوتي الذي يخرج مبحوحًا هزيلاً، تشجعني على مطاردة الفرائس معها، حتى أتعلم الصيد مبكرًا، وعندما حاولت ذات مرة مطاردة أحد الغزلان، لم أسلم من قرني الوعل الذي جرؤ على إهانتي وغرس قرنيه في جسمي الصغير، شعرت بضعفي وصغر سني في تلك اللحظة، ولما وصلت لأمي كنت ألهث بشدة، اصطدمت بنظراتها الغاضبة وقالت في غلظ:
          - لن تكون ملكًا للغابة وأنت تتقن فن الهروب!
          في الصباح رفضت الذهاب إلى المدرسة وتمردت على الأوامر وتسللت فكرة العصيان إلى رأسي، ولما هددتني بإبلاغ أبي، تراجعت قليلاً وخشيت بطش أبي وغضبه وذهبت للمدرسة صاغرًا، ولم أحاول قطع علاقتي بالثعلب أو الذئب على الرغم من تحذيرات أمي المتكررة، فالثعلب في نظرها مكّار، والذئب من طبعه الغدر والخداع، وضرّهما أقرب إلي من نفعهما.
          اصطحباني إلى المدرسة وقفز الثعلب أمامي في خفة قائلاً:
          - ما رأيكما في نزهة بعيدة عن الغابة، كفانا رقابة من الأهل.
          قال الذئب مشجعًا:
          - ستكون نزهة رائعة، خاصة أننا لن نخشى شيئا ومعنا الشبل الشجاع، يدافع عنا ويحمينا!
          استطرد الثعلب في مكر قائلاً:
          - بالطبع سوف يكون يومًا ما ملكًا للغابة، لن يتخلى عنا ونصبح أنا وأنت وزيريه المقربين لقلبه!
          قال الذئب وهو يحاول إقناعي بفكرة ترك المدرسة:
          - لقد مللنا من الذهاب إلى المدرسة كل يوم، نفس الوجوه، والقرد العجوز يحاول تعليمنا أشياء كثيرة لا فائدة منها.
          ترددت قليلاً قبل أن أنطلق معهما نسابق الريح ونلعب في حرية، مخلفين وراءنا الغابة وقد أهملنا حقائبنا وكتبنا وتركناها وسط الحشائش والأعشاب، ويبدو أننا ابتعدنا كثيرًا عن الغابة حتى لاح لنا من بعيد بعض من مباني المدينة وتسللت إلى أنوفنا رائحة غريبة لم نألفها من قبل وصاح الثعلب:
          - هناك خطر، يجب أن نبتعد من هنا، فهذه الرائحة تذكرني بالإنسان ذلك المخلوق الذكي الذي يصطادنا كلما رأى أحدنا!
          لكن على الرغم من هذا، تملكنا الجوع، حتى أن الذئب بدأ يحفر الأرض بأظافره، ونسي الثعلب الخطر الذي يهددنا عندما لمح زوجًا من الأرانب البرية وهما يمرقان بعيدًا، وشجعني على اصطياد أحدهما كي يسد به رمقه وقال:
          - يا له من صيد ثمين!
          نسيت حذري تمامًا، وطاردت الأرنب البري وفي لحظات وجدتني في شبكة الصياد ولا أثر لصديقي: الثعلب والذئب.
          وقفت خلف قضبان القفص الحديدي بحديقة الحيوان فيما بعد، بعد أن فقدت حريتي وحرمت الحياة البرية في الغابة مع أبوي، يهزني الشوق كثيرًا إليهما وإلى التريض بخفة في أرجاء الغابة الواسعة، وزهدت في الحياة والطعام حتى هزل جسمي ولم يُجْدِ الندمُ أبدًا.

إقرأ أيضًا




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق